الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/03/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تتمة الرد على الشيخ الاصفهاني في كون الحسن والقبح عقليان وليسا عقلائيين، الاحتمال الثاني كون الحسن والقبح عقليان وذكر بيانين لذلك - الأقوال في حجية القطع - حجية القطع.

ثالثاً: - يمكن أن يقال إنَّ حسن العدل وقبح الظلم هو مصداقٌ لأحد القضايا العقلية الست، فهو داخلٌ في الأوليات، والأوليات هي ما يكفي فيه تصور الموضوع وتصور المحمول وتصور النسبة في الجزم بالحكم – أي الجزم بالنسبة - من دون حاجة إلى اقامة الدليل والبرهان، كالكل أكبر من الجزء، فإنه إذا تصورنا الكل وتصورنا الجزء وتصورنا النسبة بينهما - وهي الأكبرية - فجزماً سوف نحكم بشكلٍ بديهي أنَّ هذه النسبة صحيحة من دون حاجةٍ إلى تأملٍ وبرهان،، وفي مقامنا يمكن أن يكون الامر كذلك، فإنه إذا تصورنا الموضوع ( وهو العدل ) وتصورنا المحمول ( وهو كونه حسناً ) فسوف نجزم بالحكم وبالنسبة فنقول صحيح أنَّ العدل حسنٌ وكذلك نحكم بأنَّ الظلم قبيحٌ من دون حاجةٍ إلى اقامة الدليل، وعليه فما ذكره الشيخ الاصفهاني(قده) غير صحيح.

وأما الاحتمال الثاني وهو أنَّ حسن العدل وقبح الظلم حكم عقلي بقطع النظر عن مسألة حق الطاعة: - فيمكن توجيهه بأحد بيانات ثلاثة: -

البيان الأول: - إن نقول إنَّ عدم اطاعة المولى في التكليف المقطوع به هي ظلمٌ له - والظلم هنا بمعنى عدم القيام بحقه - وحيث إنَّ العقل يحكم بقبح الظلم ويدرك ذلك فيثبت من خلاله أنَّ قبح الظلم قضية ثابتة والعقل يدركها، فكل قطعٍ بالتكليف هو حجة عقلاً، فالحجية هي حجية عقلية للقطع بالتكليف، فإنه إذا قطعنا بوجود تكليفٍ بشيءٍ فالعقل يقطع بلزوم الامتثال وإلا للزم عدم القيام بحق المولى الذي هو عبارة أخرى عن ظلمه وذلك قبيح عقلاً، فثبت بذلك أنَّ حجية القطع عقلية قبل أن تكون عقلائية.

البيان الثاني:- إنَّ حجية القطع هي بمعنى المنجّزية - أي منجّزية التكليف المقطوع به - فهو يتنجّز من باب انكشاف الحكم وليس من باب ظلم المولى، فبالقطع بالتكليف سوف ينكشف التكليف وحينئذٍ يصير منجزّاً من باب أنه قد انكشف التكليف لنا، وإذا انكشف التكليف - عند القطع به - فحينئذٍ يصير منجّزاً، ولعله صاحب الكفاية(قده) اشار إلى هذا بقوله:- ( إنَّ مخالفة التكليف المقطوع به قبيحة لأنها ظلم للمولى وحيث إن قبح الظلم يحكم به العقل بمعنى ادراكه لثبوتها في لوح الواقع فيثبت بذلك أن حجية القطع بالتكليف قضية ثابتة عقلاً قبل أن تكون عقلائية )[1] .


[1] كفاية الأصول، الآخوند الخراساني، ص258، ط مؤسسة آل البيت.