43/11/11
الموضوع: - التنبيه الخامس من تنبيهات الاستصحاب ( الاستصحاب في مؤدى الأمارة ) - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.
وفي مناقشة السيد الخوئي(قده) نقول:- أنت قلت في مناقشة الشيخ الخراساني إنه يوجد احتمالان إما ملازمة واقعية بني الحدوث والبقاء أو الملازمة هي في مقام النجزّ ولكن نقول:- يوجد احتمال ثالث هو المناسب وأنت لم تذكره، وهو أنَّ روايات الاستصحاب حينما تقول ( لا تنقض اليقين بالشك ) هي تشمل احتمال ثالث وهذا الاحتمال هو الوجيه، وهو الملازمة بين الحدوث واقعاً والبقاء ظاهراً - أو قل في مرحلة التنجّز - لا الملازمة بين الحدوث الواقعي والبقاء الواقعي ولا بين التنجّز حدوثاً والتنجّز بقاءً، فالملازمة الصحيحة هي الملازمة بين الحدوث واقعاً والبقاء ظاهراً - أو قل في مرحلة التنجّز -، وبناءً على هذا نأتي إلى ما ذكرته فنقول:- أنت قلت يوجد احتمالان وعلى الاحتمال الأول منهما - وهو الملازمة بين الحدوث واقعاً والبقاء واقعاً - يوجد ردّان الردّ الأول إنَّ هذا خلاف الوجدان، ولكن نقول:- إنّ الصحيح هو الملازمة بين الحدوث واقعاً والبقاء ظاهراً لا البقاء واقعاً، نعم إذا كانت الملازمة بين الحدوث واقعاً والبقاء واقعاً فهذا مخالفٌ للوجدان كما قلت، أما إذا كانت الملازمة بين الحدوث واقعاً والبقاء ظاهراً فهذا مطابقٌ للوجدان، ولذلك لو رأينا بناءً سابقاً ثم بعد فترة شككنا هل انهدم أو بَعدُ باقٍ فهنا نحكم ببقائه، وهذا بقاءٌ ظاهري، أو أنَّ فلاناً كان حياً وشككنا في بقائه على قيد الحياة الآن أو لا فنحن بني على بقاء حياته، ولذلك نعزل له حصةً من الميراث أو ما شاكل ذلك. فإذاً ما ذكرته من أنه على الاحتمال الأول يكون مخالفاً للوجدان مردودٌ بأنَّ المقصود هو الملازمة بين الحدوث واقعاً والبقاء ظاهراً - أي في مرحلة التنجّز - وهذا ليس على خلاف الواقع.
وأما ما ذكرته في الاحتمال الثاني حيث قلت إذا فرض أنَّ خبر الثقة شهد بأنَّ هذه الدار لزيدٍ ثم بعد ذلك شككنا فهنا يلزم أن يكون البقاء ثابتاً بالأمارة وليس بالاستصحاب والحال أننا نسير مع الاستصحاب، ففي مقام الجواب نقول: - إن هذا يردّه: -
أولاً: - إنَّ الاستصحاب لا يجعل ملازمة واقعية كما أشرنا بل يجعل ملازمة ظاهرية بين الحدوث واقعاً والبقاء ظاهراً، لا بين الحدوث واقعاً والبقاء واقعاً، وبالتالي الثبوت والبقاء لا يكون بالأمارة وإنما يكون من خلال الاستصحاب.
ثانياً: - إنه حتى لو فرض أنَّ الاستصحاب يجعل ملازمة واقعية كما ذكرت ولكن مع ذلك لا يرد ما أشكلته على الشيخ الخراساني(قده)، لأنَّ الذي أثبت الملازمة بين الحدوث والبقاء هو الاستصحاب وليس الأمارة، فإنَّ الامارة تثبت الحدوث فقط أما الذي أثبت لنا البقاء واقعاً فهو الاستصحاب، فلا تقل يلزم عدم الحاجة إلى الاستصحاب، بل الاستصحاب هو الذي يثبت لنا البقاء ولولاه فالأمارة لا تثبت البقاء وإنما هي تثبت الحدوث فقط.
وأما ما ذكره ثانياً من أنه إذا كانت الملازمة من حيث التنجّز فإنه يلزم أنه لو كان عندنا علم اجمالي بنجاسة أحد الاناءين ثم شهد خبر الثقة على أنَّ الطرف الأول طاهر ففي مثل هذه الحالة يجوز ارتكابه من دون اشكال استناداً إلى الأمارة ولا نأخذ بين الملازمة بين التنجّز حدوثاً والتنجّز بقاءً، لأنه إذا كنّا نأخذ بالملازمة فلازمها أن نجتنبه والحال أننا لا نجتنبه مادام قد دلت عليه الأمارة وهذا إن دلَّ على شيءٍ فإنما يدل على أنه لا توجد ملازمة بين الحدوث والبقاء في مرحلة التنجّز، ولكن جوابه واضح حيث نقول:- إذا قامت الأمارة في أحد الطرفين على أنه طاهر فقد انحلَّ العلم الاجمالي، لأنَّ العلم الاجمالي إنما يكون منجّزاً عند تعارض الأصول في أطرافه، فإذا قامت الأمارة على كون الطرف الأول طاهراً فسوف يجري فيه أصل الطهارة والحلّية وحينئذٍ يجوز تناوله والتنّجز لا يجري، فلا تتعارض الأصول في الأطراف، فيسقط العلم الاجمالي في مرحلة البقاء عن التنجّز، وبذلك يجوز ارتكاب الطرف الأول.
فإذاً ما أورده السيد الخوئي(قده) في كلا الشقّين قابل للمناقشة.