الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/10/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الرابع من تنبيهات الاستصحاب ( الاستصحاب في الموضوعات المركبة ) - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

ولماذا قال الشيخ الأعظم بأنَّ الأصلين غير قابلين للجريان في مجهولي التاريخ أنهما، وما هو دليله على ذلك؟، ولماذا قال الشيخ الخراساني بعدم جريان كلّ واحدٍ منهما في حدّ نفسه ولو بقطع النظر عن المعارضة؟

الجواب: -

أما بالنسبة إلى ما أفاده الشيخ الأعظم(قده) فدليله واضح: - وهو أنَّ أركان الاستصحاب متوفرة في كل طرف، حيث يوجد يقين سابق وشك لاحق في كل طرف، فالقابلية للجريان موجودة لولا المعارضة.

وأما بالنسبة إلى ما أفاده الشيخ الخراساني(قده) فقد قال في دليليه: - إنهما لا يجريان لعدم احراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين.

وما هي الوجوه لعدم جريان الاستصحابين؟

والجواب: - إنَّ الوجوهٌ لعدم جريان الاستصحابين في حدّ نفسهما هي: -

الوجه الأول: - ما ذكره الشيخ العراقي(قده)[1] ، وحاصله:- أنه لو كان عندنا ساعات ثلاث وفي الساعة الأولى فرض أنه لا كرّية ولا ملاقاة، وفي احدى الساعتين الثانية والثالثة نعلم بحدوث الملاقاة والكرية ولكن لا نعرف المتقدّم منهما عن المتأخر، فهنا استصحاب عدم الكرية من الساعة الأولى إلى زمن الملاقاة - وهو الساعة الثالثة لو كانت الملاقاة قد حصلت واقعاً في الساعة الثالثة - لا يجري، لأنه يوجد فاصلٌ في الساعة الثانية وهو حدوث الكرية، فانتقض اليقين بعدم الكرية الثابت في الساعة الأولى باليقين بحدوث الكرية الثابت في الساعة الثانية، فلا يجري الاستصحاب لعدم احراز اتصال زمان اليقين بزمان الشك، إذ نحتمل وجود الفاصل - وهو حدوث اليقين بالكرية في الساعة الثانية - وفي نفس الوقت استصحاب عدم الملاقاة أيضاً لا يجري إلى زمن الكرية لاحتمال الفاصل في الساعة الثانية بحدوث الملاقاة فانتقض اليقين بعدم الملاقاة باليقين بحدوث الملاقاة.

فإذاً لا يجري الاستصحابان لعدم احراز اتصال زمان اليقين بزمان الشك، فنحن نعلم بأنَّ أحدهما قد حدث، فإذا استصحبنا عدم الكرية من الساعة الأولى إلى زمان الملاقاة وفرض أنَّ زمان الملاقاة هو الساعة الثالثة فهذا يعني أنه حصل فاصلٌ بين عدم الكرية في الساعة الأولى وبين الساعة الثالثة وهو حدوث الكرية في الساعة الثانية، يعني لا يوجد اتصال بين زمان اليقين وزمان الشك وإنما يوجد فاصل بينهما وهو زمان اليقين بالانتقاض بالكرية، فلا يجري الاستصحاب.


[1] نهاية الأفكار، محمد تقي البروجردي، ج4، ص209، 210.