43/10/16
الموضوع: - التنبيه الرابع من تنبيهات الاستصحاب ( الاستصحاب في الموضوعات المركبة ) - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.
ومثال الثمرة بين رأيي العلمين:- ما لو فرض أنّ شخصاً رهن عيناً عند شخصٍ آخر، فمن الواضح أنه لا يجوز للراهن أن يتصرف في العين المرهونة إلا بإذن المرتهن، فلو فرض أنَّ المرتهن أذِنَ للراهن في البيع فباع الراهن العين ولكن المرتهن تراجع عن إذنه بعد ذلك ووقع الاختلاف في أنَّ البيع تحقق قبل رجوع المرتهن حتى يكون صحيحاً أو تحقق بعد رجوعه عن إذنه حتى يكون باطلاً؟، ففي مثل هذه الحالة يوجد أصلان ولكن أحدهما يترتب عليه أثر أما الثاني فلا يترتب عليه أثر، فالبائع يقول قد صدر البيع قبل التراجع عن الإذن ونحن نشك هل البيع صدر حقاً قبل التراجع عن الإذن أو لا فنستصحب عدم التراجع عن الإذن إلى حين البيع فيثبت صحة البيع، وهذا الاستصحاب مقبولٌ ولا مشكلة فيه، ولكن هذا الاستصحاب يكون في صالح البائع الراهن، كما يوجد استصحاب آخر وهو استصحاب عدم البيع إلى حين التراجع فيثبت أنَّ البيع قد حصل بعد التراجع فيكون حينئذٍ باطلاً، ولكن هذا الاستصحاب لا يجري لأنه أصلٌ مثبت، لأنَّ استصحاب عدم البيع إلى حين التراجع لازمه غير الشرعي هو أنَّ البيع لم يصدر إلى حين التراجع فإذاً هو قد حصل بعد التراجع ولازمه بطلان البيع.
فإذاً يوجد أصلان أحدهما في صالح الراهن والآخر في صالح المرتهن، وفي مثل هذه الحالة حيث إنَّ الأول الأصل فيه ليس بمثبت فيكون جارياً، فعلى رأي الشيخ الأعظم يجري استصحاب عدم التراجع عن الإذن إلى حين البيع ويكون في صالح الراهن، وبالتالي نحكم بصحة البيع، ولكن هذا ينفع على رأي الشيخ الأنصاري الذي يقول إنَّ كلا الأصلين قابلان للجريان ولكنهما يتساقطان بالمعارضة، فإذا فرض أنَّ أحدهما لا يترتب عليه أثر فسوف يجري في الآخر من دون معارضة، فعلى رأي الشيخ الأعظم يجري هذا الاستصحاب ونحكم بصحة البيع، بينما على رأي الشيخ الآخوند فهذا الاستصحاب وإن لم يكن مثبتاً ولكنه لا يجري في حدّ نفسه، فلا يمكن الحكم بصحة البيع.