الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/10/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الرابع من تنبيهات الاستصحاب ( الاستصحاب في الموضوعات المركبة ) - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

ثم إنه توجد عدَّة صور في هذه المسألة ونحن نقتصر على صورة واحدة منها: - وهي الصورة التي أشرنا إليها سابقاً، وهي ما إذا كانت النجاسة ثابتة الآن جزماً ونشك أنَّ عدم الكرية ثابتٌ أو لا فنستصحب عدم الكرية، وهذا ما قال به الميرزا علي الايرواني: -

ونحن مرةً نفترض أنَّ تاريخ الملاقاة وتاريخ القلّة - أي عدم الكرية مجهولان معاً، وأخرى نفترض أنَّ تاريخ أحدهما هو المجهول.

والكلام أولاً يقع فيما إذا فرض أنَّ الملاقاة موجودة وتاريخها معلوم ولكن تاريخ عدم الكرّية مجهول: - فنحن إذا شككنا في أصل بقائه وعدم بقائه فنستصحب بقاءه إلى هذا الزمان ويثبت بذلك التنجّس، أما إذا كنّا نعلم يتحوّل عدم الكرّية إلى الكرّية ولكن نجهل تاريخ التحوّل فالكلام يقع هنا، فهل هذا التحوّل صار بعد زمان الملاقاة حتى يحكم عليه بأنه نجس، أو أنَّ هذا التحوّل صار قبل زمان الملاقاة حتى يحكم عليه بالطهارة؟

فإذاً تاريخ أحدهما معلوم وهو الملاقاة جزماً ولكن عدم الكرّية الذي تبدّل إلى الكرية إذا شككنا في أصل التبدّل فسوف نستصحب عدم الكرية وتثبت بذلك النجاسة، أما إذا جزمنا بالتبدّل وشككنا أنَّ التبدل هل وقع قبل الملاقاة أو بعد زمان الملاقاة فهنا محل الكلام، وقد وقع الكلام في أنَّ الاستصحاب هنا يجري أو لا، ولنفترض أولاً الحديث في حالة جهالة التاريخين ثم نتكلم في حالة جهالة تاريخ أحدهما.

حالة جهالة التاريخين: - اختلف العلمان الشيخ الخراساني والشيخ الأعظم في هذه المسألة، فقال الشيخ الأعظم مادام تاريخ أحدهما مجهولاً فالاستصحاب في حدّ ذاته قابل للجريان في كل واحدٍ منهما لولا المعارضة ولكنهما يسقطان بسبب المعارضة، بينما ذهب الشيخ الخراساني إلى أنههما لا يجريان أبداً في حدّ نفسهما.

ولو قيل: - إنه لا تظهر ثمرة بين هذين القولين، إذ بعد أن فرضنا أنهما لا يجريان فلا فرق بين أن يكون ذلك لأجل أنهما يقبلان الجريان ثم يتساقطان وبين أن نقول بعدم يجريانهما أصلاً فإنَّ النتيجة واحدة.

ولكن نقول: - إنَّ الثمرة تظهر فيما إذا فرض أنه لم يجرِ الاستصحاب في أحدهما بسبب عدم ترتب ثمرةٍ على جريانه، فعلى رأي الشيخ الأعظم حيث إنَّ أحدهما لا يجري فيه الاستصحاب لأجل عدم الثمرة فيعود الثاني قابلاً للجريان من دون معارضة فيجري، بينما على رأي الشيخ الخراساني إنه حتى لو فرض أنَّ أحدهما لا يجري فيه الاستصحاب لعدم ترتب الثمرة فالثاني أيضاً لا يجري فيه الاستصحاب لأنَّ المفروض أنه لا يقبل الجريان في حدّ نفسه.