الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/08/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الرابع من تنبيهات الاستصحاب ( الاستصحاب في الموضوعات المركبة ) - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

الوجه الثاني: - أن يقال إنَّ الاستصحاب لا يجري بلحاظ الجزء فإنَّ الحكم لم ينصب على الجزء بانفراده وإنما ينصب على كلا الجزأين، ومعه فلا يجري الاستصحاب فيه لعدم كونه موضوعاً للتنجيز وإنما المنجّز الذي يوجب النجاسة وتنجس الماء هو القلّة والملاقاة، أما أنك تستصحب القلَّة فلا تنفع شيئاً لأنها ليست موضوعاً للتنجّس فلا يجري الاستصحاب فيها.

والجواب واضح: - وهو أنه يكفي لصحة جريان الاستصحاب في أحد الجزأين - مثل القلة - كونه مساهماً في التنجيز، لأنه بالتالي التنجيز يصير بتحققهما في زمانٍ واحد، فلكل واحدٍ مساهمة في التنجيز، وعليه يكفي في صحة الاستصحاب أن يكون الجزء لهم سهمٌ في اثبات التنجيز، ولا يلزم أن يكون هو وحده موضوعاً للتنجيز، فإنَّ المدرك لاعتبار أن يكون له أثرٌ هو محذور اللغوية، واللغوية ترتفع إذا كان لهم سهمٌ في التنجيز.

الوجه الثالث:- ما ذكره الحاج ميرزا علي الايرواني(قده)[1] ، وحاصل:- إنَّ الأثر لم يترتب على ذات الجزء وإنما حيثية الانضمام إلى الغير هي الملحوظة، والاستصحاب لا يثبت حيثية الانضمام وإنما يثبت لك ذات الجزء من دون حيثية الانضمام، وإن شئت قلت:- إنَّ كل جزءٍ بما هو جزءٌ لا يكون مؤثراً، وإنما يكون مؤثراً عند انضمامه إلى الغير، أما دون الانضمام فلا يترتب الأثر، والاستصحاب لا يثبت الانضمام.

والجواب: - إنَّ ما ذكره يتم فيما إذا فرض أنَّ النص أخذ عنواناً ( مركّب )، فإنه إذا أخذ عنوان المركب فيمكن أن يفهم أنَّ كل جزءٍ مأخوذ مقيداً بالجزء الآخر ومع انضمامه إليه، والاستصحاب لا يثبت الانضمام إلى الجزء الآخر، ولكن عادةً لا يوجد هكذا في الروايات وإنما هي تقول ( إذا بلغ الماء قدر كرٍّ لا ينجّسه شيء )، فهنا التنجّس صُبَّ لا على عنوان المركّب ولا على عنوان الجزأين، وإنما صُبَّ على القلّة - أي عدم الكرية - زائداً الملاقاة، فلو كان منصّباً على عنوان الجزء فيمكن أن يقال إنَّ الجزء لا يكون جزءاً إلا بانضمامه إلى الغير ولكن عنوان الجزء ليس مأخوذاً وإنما صُبَّ على ذات الملاقاة وعلى ذات القلّة، والقلّة ثابتة في الزمن السابق فنستصحب بقاءها إلى زمان الملاقاة ويثبت بذلك ذات الجزأين، فالمناط هو على ذات الجزأين لا على عنوان الجزء حتى تقول إنه لا يصدق إلا بانضمامه إلى الغير، وهذه قضية واضحة.


[1] رسالة الذهب المسكوك في أحكام اللباس المشكوك، الحاج ميرزا علي الايرواني، ص12.