الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/08/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الرابع من تنبيهات الاستصحاب ( الاستصحاب في الموضوعات المركبة ) - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

هذا وقد تذكر جوه ثلاثة مانعة من تطبيق فكرة الاستصحاب وضمّه إلى الوجدان[1] : -

الوجه الأول:- ما ذكره الشيخ النائيني(قده)[2] حيث قال:- إنَّ استصحاب بقاء القلَّة - أي عدم الكرية - إلى حين الملاقاة معارضٌ باستصحاب عدم تحقق مجموع الجزأين، فسابقاً لم يتحقق هذان الجزءان مجتمعين، يعني قبل ساعة أو ساعتين يدي لم تصب الحوض، فإصابة النجاسة لم تكن موجودة، فالجزء الأول من الموضوع ليس بموجود، فنقول إنه قبل ساعة لم يكن الجزءان مجتمعين ونشك في تحقق اجتماعهما فنستصحب عدم تحقق اجتماعهما، ويكون ذلك معارضاً لاستصحاب القلَّة إلى حين ملاقاة النجاسة.

وأجاب هو عن هذا الوجه وقال: - إنَّ المورد من الشك السببي والمسبَّبي، فإنَّ الشك في التنجّس ناشئ من الشك في تحقق كلا الجزأين وعدم تحققهما، وحيث إنَّ الأصل عدم تحقق الجزأين في زمانٍ واحد، إذ قبلاً لم يتحققا في زمانٍ واحد، فبعد جريان الاستصحاب السببي لا تصل النوبة إلى الاستصحاب المسبَّبي.

والمقصود من الاستصحاب المسبَّبي استصحاب عدم الكرية إلى حين ملاقاة النجاسة، وحينئذٍ نقول نحن نشك هل تحقق الجزأين أو لا، وهذا شك سببي، فنستصحب عدم تحقق كلا الجزأين، والاستصحاب السببي يكون حاكماً ومقدَّماً على الاستصحاب المسبَّبي، إذ تكون النتيجة هي أنه بعد عدم جريان استصحاب عدم تحقق الاجتماع يبقى الاستصحاب المسبَّبي جارياً من دون معارض، يعني نستصحب عدم الكرية إلى حين الملاقاة وبذلك يثبت تنجّس الماء.

ومما يؤكد أو يؤيد ما نقول صحيحة زرارة الأولى، فإنَّ زرارة سأل الامام عليه السلام وقال: - إني كنت متوضئاً وأشك في بقاء الوضوء، والامام عليه السلام أجرى له استصحاب بقاء الوضوء إلى حين الصلاة وقال له ( لا تنقض اليقين بالشك ) وبالتالي اِدخُلْ في الصلاة، ولم يقل له إنَّ هذا محكومٌ لأصلٍ سابقٍ وهو أصالة عدم اجتماع الجزأين معاً - أي الوضوء وحال الصلاة -، فعلى هذا الأساس ذلك الأصل السببي لا يجري، فيبقى الأصل المسبَّبي جارياً من دون معارض.


[1] نصرةً للميرزا علي الايرواني(قده).
[2] أجود التقريرات، الخوئي، ج2، ص426.