الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/08/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الأصل المثبت - التنبيه الثالث من تنبيهات الاستصحاب ( الأصل المثبت ) - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

الثمرة الرابعة:- وهي ما ذكره الشيخ حسين الحلي(قده)[1] وحاصها:- لو كان عندنا قدرٌ من الماء وأصابه جسمٌ متنجّس بنجاسةٍ ونشك في زوال تلك النجاسة عن ذلك الجسم، ونفترض أيضاً أن ذلك الجسم مردد بين كونه حيواناً أو غير حيوان كالخشبة مثلاً، فهل نحكم بتنجّس الماء أو نحكم بطهارته؟ والجواب: - إذا فرض أنَّ الجسم كان غير الحيوان كالخشبة فنحن نشك في زوال عين النجاسة عنها، فنقول آنذاك إنَّ هذا الجسم كان متنجّساً سابقاً وعلى تقدير تنجّسه تكون نجاسته باقية جزماً، لأنَّ زوال عين النجاسة عن الخشبة ليس من المطهّرات للخشبة، فالخشبة هي متنجّسة جزماً سواء كانت عين النجاسة موجودة أو زائلة، وعليه فهي سوف تنجّس الماء القليل، وأما إذا كان ذلك الجسم هو حيوان وشككنا في بقاء النجاسة عليه فهنا إذا زالت النجاسة فسوف يطهر، لأنَّ زوال عين النجاسة عن بدن الحيوان من المطهرات، فهنا لو قلنا ببقاء النجاسة بالاستصحاب فهذا أصلٌ مثبت، لأنَّ اثبات بقاء النجاسة بالاستصحاب لا يثبت لنا أنَّ الماء قد أصابته النجاسة فأنَّ هذه ملازمة غير شرعية، فيكون أصلاً مثبتاً، فإذاً إذا أردنا أن نجري الاستصحاب فلابد أن نجريه في الجسم فنقول إنَّ جسم هذا الحيوان - إن كان حيواناً - إذا كان متنجّساً سابقاً فنستصحب بقاء التنجّس، يعني نشك في زوال النجاسة فإذا كانت النجاسة باقية فيكون نجساً، وإذا شككنا في زوال عين النجاسة فنشك في زوال التنجّس عن هذا الجسم، وعليه فسوف لا ينفعنا اجراء استصحاب بقاء النجاسة الموجودة على الحيوان وإنما نستصحب بقاء نجاسة جسم الحيوان، وهنا تظهر الثمرة، فإن قلنا بتنجّس بدن الحيوان فهو قد تنجّس سابقاً فنستصحب بقاء النجاسة، وإن قلنا بعد تنجّسه فلا يمكن أن نستصحب بقاء النجاسة إلا أن تستصحب بقاء نفس عين النجاسة، ولكن هذا أصل مثبت، لأنه لا يثبت لك أنَّ عين النجاسة قد أصابت الماء.

ونحن نتمكن من اختصار هذه الثمرة فنقول:- نحن نحذف كلمة الخشبة ونقول إنه حيوان ونحن نشك في زوال عين النجاسة وعدم زوالها عنه ولا نحتاج إلى فرض التردد بين الحيوان والخشبة فإن هذا لا داعي إليه، فإنَّ الثمرة تظهر من دون ضم غير الحيوان كالخشبة إلى الفرض، وإنما يكفي فرض جسم حيوان، فإن قلنا إنه جسم الحيوان وشككنا في بقاء النجاسة فإن قلنا بأن جسمه يتنجّس فهنا نستصحب بقاء نجاسة الجسم، وإن قلنا هو يتنجّس فهنا لا يمكن استصحاب نجاسة الجسم، كما لا يمكن أن نستصحب بقاء عين النجاسة لأنه أصلٌ مثبت، فيلزم حذف كلمة الخشبة والاقتصار على كلمة الحيوان، وبذلك تكون هذه الثمرة عين الثمرة الأولى ولا اختلاف بينهما.


[1] دليل العروة الوثقى، الشيخ حسين الحلي، ص576.