الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/08/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الأصل المثبت - التنبيه الثالث من تنبيهات الاستصحاب ( الأصل المثبت ) - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

وفي التعليق نقول: - إنَّ هذه الثمرة الثانية مقبولة، ولكن المهم هو الثمرة الأولى - وهي أن بدن الحيوان يتنجّس أو لا - فإنَّ ظهور الثمرة هناك مشكل، ولا نريد أن نقول إنَّ ظهور الثمرة مشكل في كلَّ الموارد وبل هي تظهر في موارد أخرى كما مثّل السيد اليزدي(قده) بقضية اللعاب، وإنما نحن نريد الكلام في مورد بدن الحيوان، فهو الذي فيه القال والقيل وهو المورد المهم.

فإذاً ما ذكره السيد اليزدي(قده) صحيحٌ ولكن الكلام الذي وقع بين الفقهاء والذي هو المورد المهم للنزاع هو مسألة ما إذا اصابت النجاسة بدن الحيوان، فما الثمرة لتنجّس بدن الحيوان ثم يزول التنجّس بزوال عين النجاسة، أو أنه لا يتنجّس أبداً؟، فنحن نريد أن نذكر الثمرة هناك والمشكلة الموجودة هي في هذا المورد.

الثمرة الثالثة:- ما ذكره السيد الخوئي(قده)[1] ، وحاصله:- لو فرض أنه يوجد عندنا حيوان كالطير مثلاً وأصابت بدنه نجاسة ثم جفَّت وبعد ذلك ذبحنا الطير، فهنا بناءً على عدم تنجّس بدن الحيوان يكفينا ازالة ذرات النجاسة اليابسة عن بدنه وبذلك يكون طاهراً من دون حاجة إلى تطهيره بالماء، وأما إذا بنينا على تنجّس بدن الحيوان فإزالة ذرات النجاسة يمكن أن يقال بعدم كفايته في التطهير لبدن الحيوان، فإنها كانت تكفي حينما كان الحيوان حياً، فإذا كان حياً وجفَّت النجاسة على بدنه وازلنا ذراتها فهنا نحكم بطهارة بدنه جزماً ولا حاجة إلى تطهيره بالماء، وأما إذا فرض أنَّ ازالة ذرات النجاسة قد حصل بعد موته فحينئذٍ بناءً على تنجّس بدن الحيوان لا تكفي ازالة ذرات النجاسة في طهارته فإنها كانت تكفي في الطهارة لبدنه حالة حياته أما بعد موته فلم يثبت بدليلٍ - حتى السيرة - كفاية ازالتها في ثبوت الطهارة لبدنه.

وفي التعليق نقول: - إنَّ ما ذكره - من أنه بناءً على نجاسة بدن الحيوان بإصابة الدم له مثلاً هو يتنجّس فبعد ذبحه يشكل الاكتفاء بإزالة ذرات النجاسة الجافة في حصول الطهارة فإنَّ القدر المتيقن من السيرة هو ما إذا ازيلت ذرات النجاسة حال حياة الحيوان - شيء مقبول ولا كلام فيه، وإنما الكلام في الشق الثاني من كلامه - وهو أنه لو فرض أننا بنينا على طهارة بدن الحيوان ولا يتنجس بملاقاة النجاسة ففي مثل هذه الحالة لو مات الحيوان وفرضنا أنَّ ذرات النجاسة يابسة فهنا قال يكفي ازالة تلك الذرات لأنَّ المفروض أنَّ البدن لم يتنجّس بل توجد ذرات نجسة عليه فيكفي ازالة تلك الذرات - ونحن نناقش في هذا الشق ونقول:- إذا كنّا نتكلم بمقتضى القواعد فما أفاده صحيح، فإنَّ القاعدة تقتضي أنَّ البدن إذا كان طاهراً فإزالة ذرات عين النجاسة اليابسة عنه تكفي في طهارته، أذ البدن طاهر ولا توجد نجاسة في البين بعد ازالة ذرات النجاسة بعد ذبحه ولا مشكلة، بيد أنَّ المستند عندنا ليس هو القاعدة وإنما هو السيرة، والقدر المتيقن منها هو الحكم بطهارة البدن مادام الحيوان حياً وأزيلت ذرات النجاسة عنه، وأما إذا كان ميتاً فلا يجزم بانعقاد السيرة على كفاية ازالة ذرات عين النجاسة عنه في الحكم بطهارته، ومع هذا فلا معنى لربط الحكم بما إذا بنينا على عدم تنجّس بدن الحيوان بملاقاة النجاسة أو بنينا على تنجّسه، وإنما المدار يكون على السيرة، فلابد وأن نتساير مع السيرة، وهي منعقدة في حال حياة الحيوان، فمادام الحيون حياً فإزالة ذرات عين النجاسة تكفي في طهارة بدنه، وهذا ثابتٌ من دون إشكال، وأما إذا كان ميتاً فيشكل الجزم بانعقاد السيرة على كفاية ازالة ذرات عين النجاسة في الحكم بطهارة بدنه.

إن قلت: - المفروض قبل قليل أننا حكمنا بطهارة البدن، وبالتالي تكون ازالة ذرات عين النجاسة كافية في الحكم بالطهارة؟

قلت: - نعم نحن حكمنا بذلك ولكن القدر المتيقن هو حالة حياة الحيوان، أما بعد فرض موته ففي مثل هذه الحالة حيث لا نجزم بانعقاد السيرة فيصير الأمر مشكلاً من هذه الناحية، وبالتالي تكون طهارة البدن قبل ازالة الذرات محل إشكال، لأنَّ الذرات موجودة، وهكذا الحال بعد إزالتها مادام ذلك بعد موت الحيوان، إذ لا يدرى كيف انعقدت السيرة بعد موته، إنما هي انعقدت جزماً حال حياته، ففي حال الحياة نسلّم بأنَّ ازالة ذرات النجاسة يكفي في طهارة بدنه إما مع تنجّس البدن أو من دون تنجّسه، أما إذا كان ميتاً فالحكم بكفاية ازالة ذرات النجاسة في الحكم الطهارة من دون الحاجة إلى تطهير البدن هو أوّل الكلام لعدم الجزم بانعقاد السيرة على ذلك.


[1] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، ج4، ص22.