الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/08/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الأصل المثبت - التنبيه الثالث من تنبيهات الاستصحاب ( الأصل المثبت ) - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

وأجاب السيد الخوئي(قده)[1] وقال:- إنَّ هذا الاشكال مبني على أنَّ تنجّس الشيء الثاني بسبب ملاقاة الشيء الثاني هو من جهة قانون السببيَّة وأنَّ الأول سببٌ لتنجّس الثاني، يعني أنَّ ملامسة النجاسة الموجودة على بدن الحيوان هي سببٌ لتنجّس اليد، فتنجّس اليد مسبَّبٌ، وملاقاتها لعين النجاسة سببٌ، فإذا طبقنا فكرة السببيَّة فهنا قد يكون الاشكال الذي أورده الأعلام تاماً، ولكن نقول:- إنَّ النجاسة ليست سبباً ولا مسبَّباً، فالنجاسة الأولى ليست سبباً للنجاسة الثانية، وإنما قانون السببيَّة يختص بالأمور التكوينية لا الاعتبارية، فتنجّس الشيء الثاني بالشيء الأول هو اعتبار، فالأول نجس هذا اعتبار، وتنجّس الشيء الثاني بالأول هو اعتبارٌ أيضاً، فالمسألة مسألة اعتبار لا مسألة سبب ومسبَّب - لا علَّة ومعلول -، وإذا كان المورد من باب الاعتبار فلا محذور في أن يجري استصحاب بقاء تنجّس بدن الحيوان فإنَّ هذا اعتبار ويترتب عليه تنجّس اليد الملامسة لجسم الحيوان وهذا اعتبار أيضاً، رغم علمنا بأنَّ اليد قد تنجّست قبل أن تلامس بدن الحيوان بسبب ملامستها لعين النجاسة، فالشارع يعتبر ويقول إذا استصحبت بقاء نجاسة بدن الحيوان - فهذا اعتبار لتنجّس بدن الحيوان فيدك الملامسة تكون متنجَّسة وهذا اعتبار أيضاً رغم أنها قد تنجّست قبل ملامسة البدن من خلال ملامسة عين النجاسة، ولا محذور في ذلك مادامت القضايا مجرّد اعتبار، فيعتبر الشارع تنجّس اليد عند ملامسة البدن رغم وجود فاصلٍ بين اليد وبين عين النجاسة، فاليد قد أصابت عين النجاسة أولاً ولكن الشارع يعتبر نجاسة اليد عند ملامسة البدن رغم أنها قد تنجّست بمرحلةٍ أسبق أي عند ملامستها لعين النجاسة، وهذا لا محذور فيه لأنَّ هذه قضايا اعتبارية ولا محذور في باب الاعتبار.

ومثال ذلك ما لو فرض أنه يوجد عندنا إناءان، وكان الاناء الأول طاهراً والثاني متنجّساً، ونفترض ثانياً أننا علمنا بتبدّل الحالة السابقة في أحدهما، فإما أنَّ الاناء الأول الذي كان طاهراً قد تبدّلت حالته إلى النجاسة، أو انَّ الاناء الثاني الذي كانت حالته السابقة هي النجاسة قد تبدّلت إلى الطهارة، ونفترض ثالثاً أنَّ ما في الاناء الأول لاقى ما في الاناء الثاني، ففي مثل هذه الحالة نحكم بحصول التنجّس والحال أنَّ الحكم بالتنجّس عند الملاقاة بينهما محل إشكال، لأنَّه إن فرضنا أنَّ الاناء الأول الذي كانت حالته السابقة هي الطهارة هو الذي تبدّل إلى النجاسة والثاني كان نجساً من البداية من دون أن يتبدل فقد حصل التلاقي بين المتنجّسين لا أنَّ التنجّس قد حصل بالملاقاة، وإذا فرضنا أنَّ الأول كان طاهراً ولم يتبدل وإنما التبدّل حصل في الاناء الثاني فالثاني كان نجساً وتبدّل إلى الطاهر فصار التلاقي تلاقياً بين الطاهرين ولا موجب حينئذٍ للحكم بالنجاسة، فإذاً عند تلاقي الانائين نحكم بالتنجّس والحال أنه يمكن أن يكون المورد ليس من هذا القبيل وإنما قد يكون من التلاقي بين المتنجّسين أو من التلاقي بين الطاهرين وليس من التلاقي بين الطاهر والنجس حتى يتنجَّس.


[1] التقيح في شرح المكاسب، الخوئي، ج3ن ص191، ط جديدة. دروس في فقه الشيعة، الخوئي، ج3، ص335.