الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/08/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الأصل المثبت - التنبيه الثالث من تنبيهات الاستصحاب ( الأصل المثبت ) - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

ونحن نقول: - إنَّ هذا الكلام بأجمعه ناظر إلى غير الحيوان كالعباءة إذا وقفت عليها الذبابة، وأما بالنسبة إلى لحيوان فنحن نعرف أنَّ بدنه يطهر بزوال عين النجاسة، يعني لو كانت هناك نجاسة موجودة على بدن الحيوان ثم بعد فترةٍ لم نَـرَها فهنا نتعامل مع بدنه معاملة الطاهر تمسكاً بالسيرة فأنها جرت على عدم تطهير بدن الحيوان عن النجاسة وإنما يكفي زوالها، وهذا مطلبٌ واضح.

ولكن يوجد كلام بين الفقهاء بالنسبة إلى بدن الحيوان:- وحاصله هل بدن الحيوان يتنجّس بملاقاة النجاسة ثم يطهر عندما تزول النجاسة أو أنه لا يتنجّس أصلاً وإنما يبقى البدن طاهراً؟، نعم هو توجد عليه نجاسة أما نفس البدن فيكون طاهراً ولا يتنجَّس، وهذا شبيه النهر الجاري ووقعت فيه عذرة فهنا الماء لا يتنجّس وإنما صارت فوقه نجاسة وهو يحمل فوقه النجاسة لا أنه يتنجَّس، فهو لا ينفعل بها، فهل الحيوان كذلك أو أنه يتنجّس ولكن يطهر بزوالها؟، وقد اتفق الفقهاء على أنَّ بدن الحيوان إذا زالت عنه النجاسة يحكم بطهارته من دون حاجةٍ إلى تطهيره، وإنما وقع الكلام في أنه هل يتنجَّس بدن الحيوان إذا صارت عليه نجاسة ثم يطهر عند زوالها أو أنه لا يتنجّس أصلاً؟

وبسبب هذا الكلام وقع كلاماً آخر: - وهو أنه ما هي الثمرة العملية في هذا البحث أو أنَّ هذا مجرد بحث علمي؟

والجواب:- ذكرت هذه الثمرة لهذا البحث، هي أنه إذا لاقى جسمٌ لجسم الحيوان وشككنا في بقاء النجاسة عليه حتى يتنجّس بتلك النجاسة أو لا، فإنه إذا بنينا على أنَّ بدن الحيوان يتنجّس ويطهر بزوال عين النجاسة فعند ملاقاة الجسم الجديد - كاليد أو شيء آخر - لبدن الحيوان الذي كان عليه نجاسة بول مثلاً فحينئذٍ هل البول موجود أو ليس بموجود - مع فرض وجود الظلام ولم نتمكن من الرؤية - فأنا استصحب نجاسة بدن الحيوان وبالتالي أحكم بنجاسة يدي لأنها لاقت الشيء المحكوم بكونه نجساً، فالثمرة تظهر هنا، فإنه بناءً على تنجّس بدن الحيوان فإن اليد تكون قد لاقت النجس أو المتنجّس حتماً وبالتالي قد تنجّست، وإذا لم تكن هناك نجاسة فبدن الحيوان سوف يحكم بطهارته بناءً على أنه بزوال العين يطهر بدنه وحينئذٍ يحكم بطهارة اليد، فالثمرة تظهر هنا فنستصحب بقاء نجاسة بدن الحيوان وعليه سوف يحكم بنجاسة اليد، وأما بناءً على عدم تنجسه فلا يجزم بأن اليد قد لاقت المتنجّس حتى يحكم بنجاستها، وقد أصار صاحب الجواهر(قده) إلى هذه الثمرة حيث قال:- ( لأنَّ استصحاب بقاء العين لا يقضي بثبوت الاصابة ... نعم لو قلنا بتنجس الحيوان بملاقاة النجاسة واعتبرنا في طهارته زوال العين ... اتجه الحكم بالنجاسة بملاقاة الحيوان الذي كان عليه نجاسة ولم يعلم زوالها. ولعل هذا هو الثمرة من قولنا بعدم قبول بدن الحيوان النجاسة كالبواطن وبين القول بها والطهارة بالزوال )[1] ، ونفس ذلك ذكره الشيخ الهمداني(قده)[2] .


[1] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج1، ص376.
[2] مصباح الفقيه، الشيخ الهمداني، ج1، ص363.