الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/08/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الأصل المثبت، التنبيه الثالث ( الاصل المثبت ) - تنبيهات الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

وفي مقام التعليق نقول: - نحن تارة نبني على حجية الأصل المثبت، يعني استصحاب بقاء الرطوبة على جسم الكلب كما يثبت بقاء الرطوبة يثبت في نفس الوقت نجاسة اليد أيضاً بنحو الحكومة ويكون حاكماً، ومرة نقول إنَّ الأصل المثبت يثبت الشيء ويثبت لوازمه أيضاً من دون ادخال فكرة الحكومة في الحساب، فإن بنينا على أنَّ الأصل المثبت - استصحاب الرطوبة - يثبت بقاء الرطوبة ويثبت لوازم الرطوبة من دون حكومةٍ ففي مثل هذه الحالة سوف يتم ما أفاده كاشف الغطاء(قده)، فإنَّ استصحاب الرطوبة قد أثبت نجاسة اليد الملاقية لجسم الكلب من دون حكومة، لأنَّ استصحاب بقاء الرطوبة افترض أننا سلّمنا أنه يقول إنَّ الرطوبة باقية ومن دون حكومةٍ يقول أيضاً إنَّ اليد الملاقية للكلب قد تنجّست ولكن بالتالي يوجد استصحابٌ معارضٌ وهو استصحاب عدم تنجّس اليد لأنها لم تكن متنجّسة سابقاً والآن نشك في تنجّسها فنستصحب عدم تنجّسها، فيحصل التعارض.

فإذاً ما أفاده الشيخ الأعظم(قده) مبنيٌّ على أنَّ التسليم بحجية الأصل المثبت وأنه يثبت اللوازم يعني تحقق فكرة الحكومة، والحال أنَّ فكرة الحكومة مبنيَّة على جعل العلمية، وهذا الأصل الذي أثبت بقاء الرطوبة قد لا نبني على جعل العلمية فيه، مثل الاستصحاب فإنّا لا بني على كون المجعول فيه هو العلمية وأنَّ الشاك في البقاء يصير عالماً بالبقاء، وإنما المستفاد عملاً هو أنه لا ينبغي ترتيب آثار الشك في البقاء وإنما تُرتَّب آثار اليقين في مقام الآثار من دون جعله عالماً، فإذا كان الأمر هكذا بقي المجال مفتوحاً لجريان الأصل في الملاقي - وهو اليد -، فإنَّ اليد سابقاً كانت طاهرة وسلّمنا من باب حجية الأصل المثبت أنَّ الأصل قد أثبت تنجّسها ولكن من دون جعل المكلف عالماً بتنجّس اليد، لأننا فرضنا أنَّ الاستصحاب ليس المجعول فيه هو العلمية، فإذا لم تجعل فيه العلمية فسوف يكون الشك في طهارة اليد باقياً على حاله، فنستصحب الحالة السابقة وهي الطهارة، وهذا الاستصحاب يكون معارضاً للأصل المثبت كما ذكر كاشف الغطاء(قده).

ومنشأ ما ذهب إليه الشيخ الأعظم(قده) هو تخيّل أنه إذا قلنا إنَّ استصحاب الرطوبة يجري معناه أنه يجعلنا عالمين ببقاء الرطوبة وبالتالي يجعلنا عالمين بتنجّس اليد، والحال أنَّ هذا مبني على كون الاستصحاب يفيد جعل العلمية، ونحن نتكلم على الأعم من ذلك، وحتى لو سلّمنا كون المجعول فيه هو العلمية ولكن نقول إنَّ العلم المجعول هو بلحاظ نفس المتعلَّق - وهو بقاء الرطوبة - وليس بلحاظ الآثار - وهو تنجس اليد لو لاقت تلك الرطوبة المشكوكة -، فما أفاده الشيخ الأعظم(قده) مبني على كون المجعول في باب الاستصحاب هو العلمية فيصير المكلف بإجراء استصحاب الرطوبة عالماً ببقاء الرطوبة وبالتالي يصير عالما بتنجّس الملاقي لهذه الرطوبة، وهذا أوّل الكلام فإنَّ الأصل قد لا يكون هو الاستصحاب، ولو كان هو الاستصحاب فلا يبنى على كون المجعول فيه هو العلمية، وحتى لو سلَّمنا أنَّ المجعول فيه هو العملية ولكن نقول إنَّ العلمية هي بلحاظ المؤدى - وهو الرطوبة - وليس بلحاظ اللوازم والآثار، وعليه فسوف تبقى المعارضة مستقرة كما أفاد كاشف الغطاء(قده).