الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/07/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الأصل المثبت، التنبيه الثالث ( الأصل المثبت ) - تنبيهات الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

الرابع: - أنحاء الأصل المثبت: -

للأصل المثبت أنحاء مختلفة نذكر منها ثلاثة: -

النحو الأول: - هو أنه قد تكون الواسطة هي عين المستصحب وجوداً ولكنها تغايره مفهوماً، وقد تكون مغايرة له وجوداً أيضاً.

ومثال الأول: - استصحاب بقاء الكر في الحوض لإثبات كريّة الماء الموجود في الحوض، فهما من حيث الوجود الخارجي واحدٌ وليس اثنان، فإنَّ ما في الحوض الذي هو مقتضى الاستصحاب الأول - بأن نستصحب بقاء الكر في الحوض حتى نثبت ان الموجود كر - متّحد في الوجود الخارجي مع الماء الموجود في الحوض وليس بينهما تغاير، وإنما التغاير مفهومي، فإنَّ مفهوم ( ما في الحوض كر ) يغاير مفهوم ( هذا الماء متصّف بالكرية سابقاً والآن متصف بها لاحقاً )، فالتغاير من حيث الوجود الخارجي مفقودٌ ولكن توجد بينهما مغايرة مفهومية.

ومثال الثاني: - كاستصحاب عدم الحاجب على أعضاء الوضوء ليثبت أنَّ الماء قد وصل إلى البشرة، ومن الواضح هنا أنَّ الأول غير الثاني من حيث الوجود الخارجي ومن حيث المفهوم كما هو واضح.

النحو الثاني: - وهو أنه تارة يكون اللزوم بين الواسطة وذيها لزوماً كلياً، وأخرى يكون لزوماً اتفاقياً وفي بعض الموارد.

ومثال اللزوم الكلي: - استصحاب عدم أحد النقيضين لإثبات وجود النقيض الآخر، يعني نستصحب وجود زيد لينتفي النقيض وهو العدم، واللزوم هنا بين المستصحب وبين الواسطة التي نريد اثباتها هو لزوم كلي، فدائماً وأبداً متى كان أحد النقيضين موجوداً فنقيضة الآخر يكون معدوماً، وإذا كان أحدهما معدوماً فالآخر يكون موجوداً، وهذا واضح.

ومثال الثاني: - كما إذا علم بموت أحد اثنين - كما لو سبح اثنان في النهر فغرق أحدهما - فهنا لو أردنا أن نستصحب وجود زيدٍ فيثبت بذلك أنَّ الذي غرق هو عمرو، واللزوم بين غرق عمرو ووجود زيد هو لزوم اتفاقي، لأننا أخبرنا بأنَّ الذي غرق واحد منهما فهذه الملازمة قد ثبتت اتفاقاً، بخلاف وجود أحد النقيضين مع عدم وجود الآخر فإنها ملازمة دائمية.

النحو الثالث: - وهو أنه تارةً نستصحب الملزوم لإثبات اللازم، وأخرى نستصحب اللازم لإثبات الملزوم[1] .

ومثال الأول: - أن نستصحب الحياة لإثبات نمو اللحية، فنحن لا نعلم بأن زيد بَعدُ حي أو لا، فلو كان حياً فعمره الآن صار عشرين سنة، فلو كان هناك نذر من قبل والده وأنه لو نمت لحيته لتصدق على الفقير بكذا، فهنا نستصحب حياته، والحياة هنا ملزومٌ بالنسبة إلى نبات اللحية، فإن الحياة هي علَّة لنبات اللحية، ونمو اللحية معلول للحياة، وهذا واضح.

ومثال الثاني: - استصحاب عدم نبات اللحية لإثبات عدم بقائه حياً - أي بالعكس -، فإنّ اللحية هي من قبيل اللازم، فلو أثبتنا أنَّ نمو اللحية ليس بموجود فإذاً لا حياة له، فنستصحب عدم اللازم لإثبات عدم الملزوم.


[1] والمقصود من الملزوم هو العلة، واللازم هو المعلول.