43/07/14
الموضوع: - التنبيه الثالث ( الأصل المثبت ) - تنبيهات الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.
الوجه الثاني:- ما أفاده الشيخ النائيني(قده)[1] وحاصله:- إنَّ دليل الأمارة حيث يجعل الأمارة علماً بلحاظ المدلول المطابقي فيلزم أن تكون علماً بلحاظ اللوازم لعدم الفرق من هذه الناحية، فكما أنَّ العلم الوجداني بالشيء يستلزم العلم الوجداني باللوازم كذلك العلم التعبّدي بالشيء يستلزم العلم التعبّدي باللوازم، وعليه سوف تصير اللوازم معلومة بالعلم التعبّدي، فإذا كانت معلومةً فحينئذٍ سوف تثبت هذه اللوازم.
وأشكل عليه الشيخ العراقي(قده)[2] وبعده السيد الخوئي(قده)[3] بما حاصله:- إنَّ هذا يتم في باب العلم الوجداني دون العلم التعبّدي، يعني أنَّ قاعدة العلم بالشيء علم بلوازمه تتم فيما إذا كان العلم بالشيء علماً وجدانياً، كما إذا رأيت الهلال فهنا صار عندي علمٌ وجدانيٌ بأنَّ هذه الليلة هي أوّل ليلة من الشهر، فهنا إذا كانت هناك لوازم لأول الشهر فسوف أعلم بها أيضاً، لأني علمت بأنَّ الهلال موجود، وهذا صحيح في العلم الوجداني، ولكن هذا لا يتم في العلم التعبّدي، فإنه في باب التعبّد يدور الأمر مدار التعبّد، فإذا عبّدني المولى بالمدلول المطابقي فلا تثبت حينئذٍ العلمية بنحو التعبّد بلحاظ المدلول الالتزامي، لأن المسألة مسألة تعبّد وهي بيد المولى، والمولى يستطيع أن يعبّدني من هذه الناحية دون تلك.
هذا ويمكن أن يقال:- نحن نحتمل أنَّ مقصود الشيخ النائيني(قده) شيء آخر ولا يقصد المعنى الظاهري حتى يرد عليه إشكال العلمين، فإنه إن كان يقصد المعنى الظاهري فهو واضح الوهن ومن البعيد أن يصدر منه، إذ من الواضح أنَّ قاعدة (العلم بالشيء علمٌ بلوازمه) تتم في باب العلم الوجداني دون التعبّدي، وإنما يريد أن يقول إنَّ العاقل إذا جعل شيئاً حجةً في اثبات المدلول المطابقي من باب كونه كاشفاً بدرجة معينة كسبعين بالمائة مثلاً فيلزم أن يجعله حجّة بلحاظ الوازم أيضاً، فإنَّ درجة الكشف بمقدار سبعين بالمائة ثابتٌ بلحاظ اللوازم أيضاً، فإذا كانت هذه الدرجة من الكشف دعت المولى ليجعل الأمارة حجّة فيلزم أن يجعلها حجّة بلحاظ اللوازم أيضاً - لا من باب أنَّ العلم بالشيء علم بلوازمه - ولا معنى لأن يقول العاقل إنَّ الكشف بدرجة سبعين بالمائة تنفعني وتحركني لأن جعل الحجّية بلحاظ المدلول المطابقي ولكن الكاشفية بنفس هذه الدرجة لا تحركني نحو جعل الحجية بلحاظ اللوازم، فإنَّ هذا ليس من شأن العاقل.
وإذا كان الشيخ النائيني(قده) يقصد هذا المعنى فهو شيءٌ وجيه.