43/07/04
الموضوع: - التنبيه الثاني ( هل الاستصحاب التعليقي حجة أو لا ؟) - تنبيهات الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.
وفي التعليق على ما افاده السيد الخوئي(قده) نقول:- أنت ذكرت وقلت ( إنا نستصحب الحلّية السابقة في حالة العنبية والتي كانت مغيّاة إلى حالة الزبيبية وعليه سوف يثبت أنَّ الحلّية في حالة الزبيبية ليست حلّية جديدة وإنما هي نفس الحلّية السابقة فهي مغياة حالة الزبيبية كما كانت مغيّاة حالة العنبية )، وفي التعليق نقول:- إنَّ هذه الملازمة عقلية وليست شرعية، فعاد محذور الأصل المثبت، فإنه لا يوجد دليل شرعي يقول ( إذا كانت الحلّية حالة العنبية باقية إلى حالة الزبيبية فلا حلية جديدة في حالة الزبيبية بل هي نفس الحلّية السابقة )، وإنما العقل يحكم بأنَّ الحلّية الموجودة حالة العنبية المغيّاة إذا كانت مستمرة إلى حالة الزبيبية فإذاً لم تحدث للزبيب حلّية ثانية تغاير الحلّية حالة العنبية، وهذه ملازمة عقلية، وعليه فلا ينفعك هذا الاستصحاب.
وأما ما ذكره من الشاهد القرآني بالنسبة إلى الحدث فجوابه: - إنَّ هذا قياس مع الفارق، فإن الآية الكريمة أثبتت الوضوء على كل من قام إلى الصلاة واستثنت ما إذا كان المكلف جنباً، وأنا حينما استيقظت وأردت الصلاة شككت هل أني جنب أو ليس بجنب فأجري أصالة عدم الجنابة، ولكن هذا موضوع مركّب من حدثٍ زائداً عدم كونه أكبر - يعني عدم كونه جنابة -، فأنا محدثٌ جزماً أما كوني محدثاً بالأكبر فهذا ينفيه الاستصحاب، فإذاً هذا الموضوع تركيبي ولا يأتي فيه ما ذكره من كلام ، فإنَّ الآية الكريمة قالت :- ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنباً فاطّهّروا﴾، يعني اكتفِ بالوضوء إذا كنت محدثاً زائداً عدم الجنابة، والحدث ثابتٌ بالوجدان، وعدم الجنابة ثابتٌ بالاستصحاب، فتم موضوع وجوب الوضوء، وحينئذٍ يكتفي بالوضوء، وعليه فالاستشهاد بهذا المثال في غير محله.
وفي مقام الاجابة عن المعارضة بين الاستصحاب التعليقي مع الاستصحاب التنجيزي نقول: - إنَّ لازم هذه المعارضة توسّع دائرة الاشكال إلى موارد أخرى متعددة - وسنذكر أمثلة منها - لا يلتزم بها الفقيه، وما نجيب به عنه في بقية المواضع نجيب به هنا، وتلك المواضع هي المواضع التي نشك فيها في السنخ، فإن جميع مواضع النسخ يرد فيها إشكال معارضة، فمثلاً صلاة الجمعة، حيث نشك هل نسخ وجوبها زمان الغيبة فنستصحب بقاء الوجوب - الجعل - إلى زمان الغيبة بناءً على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية[1] ، والحال أنه يأتي إشكال المعارضة حيث يقال إنه قبل أن يأتي يوم الجمعة - أي يوم الخميس - لم يكن هناك وجوب لصلاة الجمعة ونشك في حدوث هذا الوجوب فنستصحب عدم الوجوب الثابت قبل يوم الجمعة، فيتعارض مع استصحاب بقاء الجعل - بناءً على قبول فكرة المعارضة بين الاستصحابين-، وهكذا لو شككنا لسببٍ ما في بقاء وجوب الحج وأنه هل يجب الحج في زماننا فنستصحب بقاء الوجوب، والحال أنه بناءً على شبهة المعارضة نقول إنه قبل شهر من ذي الحجة لم يكن الحج واجباً جزماً فنستصحب عدم وجوبه قبل حلول ذي الحجة ويكون معارضاً لاستصحاب بقاء جعل الوجوب، وعليه فلا يجري استصحاب بقاء الوجوب للمعارضة، وهكذا الحال في مثال العصير العنبي، فإذا شككنا أنَّ حرمة العنب إذا غلى هل نسخت وزالت أو لا فيجري استصحاب بقاء الحرمة للعنب إذا غلى، والحال أنه معارضٌ، فإنَّه قبل الغليان لم تكن له حرمة ونشك بعد الغليان هل صارت له حرمة أو لم تصر له حرمة فنستصحب عدم الحرمة الثابتة قبل الغليان، وهكذا الحال في جميع موارد الشك في النسخ. وهذا الجواب أشبه بالنقض، أما الجواب الحلّي فسيأتي إن شاء الله تعالى.