الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/06/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الثاني ( هل الاستصحاب التعليقي حجة أو لا ؟) - تنبيهات الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

الجواب الثاني لحل اشكال المعارضة بين الاستصحاب التنجيزي والاستصحاب التعليقي:- وهو ما ذكره الشيخ الخراساني(قده) في الكفاية[1] ، وحاصله:- إنَّ الحرمة حالة العنبية إذا كانت معلَّقة على الغليان فجزماً الحلّية تكون مغيّاة - أي تنتهي - بالغليان، فعند الغليان سوف ترتفع الحلّية، ونحن إذا استصحبنا هذين الحكمين إلى حالة الزبيبية فلا تكون نتيجة الاستصحابين متنافية، كما لم تكن متنافية حالة العنبية، فيثبت أنَّ الزبيب حرمته معلَّقة على الغليان وحلّيته مغيّاة بالغليان، وعلى هذا الاساس لا منافاة بينهما، بل بينهما كمال الملائمة، ويجري كلا الاستصحابين من دون إشكال.

وإذا كان مقصوده هذا المقدار فالاشكال عليه واضح حيث نقول:- إنَّ مشكلتنا ليست في هذين الاستصحابين حتى يقال لا منافاة بينهما حالة العنبية ولا منافاة بينهما أيضاً حالة الزبيبية، وإنما مشكلتنا هي أنَّ الزبيب قبل أن نغليه هو حلال بحلّيةٍ فعليةٍ ونشك عند غليانه هل زالت هذه الحلّية الفعلية الثابتة للزبيب - لا للعنب - أو لا[2] ، فنستصحب حينئذٍ الحلَّية الفعلية وتكون معارضة لاستصحاب حرمة العنب المعلَّقة على الغليان لا تلك الحلَّية، فنحن نستصحب الحرمة المعقلَّة على الغليان إلى حالة الزبيبية وسوف تصير هناك حرمة معلَّقة حالة الزبيبية، والمفروض أنه توجد حلّية فعلية حالة الزبيبية قبل أن نريق الماء عليه ونغليه، فتصير معارضة، فالمعارضة هي بين هذين الأصلين لا كما ذُكِر.

وأشكل السيد الخوئي(قده)[3] بنفس ما ذكرناه وحاول أن يوجه ما ذكره صاحب الكفاية(قده) فقال ما حاصله:- إنَّ الحلّية التي كانت ثابتة حالة العنبية والمغيّاة بالغليان نشك هل تبدلت في حالة الزبيبية أو هي باقية كما هي فنستصحب بقاءها وعدم تبدّلها وبالتالي لا توجد حلّية ثانية للزبيب وإنما هي تلك الحلّية السابقة المغيّاة بالغليان نشك هل هي باقية إلى حالة الزبيبية فنستصحب بقاءها، فيثبت أنَّ الزبيب كالعنب تنتهي حلّيته بالغليان، وإذا كانت مغيّاة بالغليان فلا تعارض استصحاب الحرمة المعلَّقة على الغليان، وبذلك ترتفع المعارضة، وبناءً عليه لا يرد الاشكال على ما أفاده الشيخ الخراساني(قده)، ثم قال إنَّ المورد نظير ما إذا فرض أنَّ شخصاً أحدث بالأصغر وبعد فترة خرج منه بلل يشك أنه بول أو مني فحكمه أن يستصحب الحدث الأصغر السابق ويشك في حدوث تحقق الحدث الأكبر فينفيه بالأصل فيكتفي بالوضوء من دون حاجة إلى الغسل، وموردنا من هذا القبيل إذ الحالة السابقة للعنب هي أن حليته مغياة بالغليان - وليست معلَّقة - ونحن نشك هل هذه الحلّية قد تبدلت وحدثت حلّية ثانية حالة الزبيبية أو لا فنستصحبها إلى حالة الزبيبية، وبذلك يثبت أنَّ الموجود عندنا هو حلّية مغيّاة بالغليان أما حلّية فعلية من دون أن تكون مغيّاة بالغليان فلا يوجد مثبت لها، وبذلك سوف تزول المعارضة بين الاستصحاب التعليقي وبين الاستصحاب التنجيزي للحلّية - يعني من حالة العنبية ونبقيه إلى حالة الزبيبية - كما لا يوجد معارض كما نحن ذكرنا من أنه حالة الزبيبية جزماً توجد حلّية ونشك في زوالها بالغليان فنستصحب تلك الحلّية فإنَّ هذا الكلام سوف لا يأتي لأننا استصحبنا تلك الحلّية السابقة فيثبت أنَّ الحلية السابقة المغياة هي موجودة في حالة الزبيبية أيضاً، وبذلك يرتفع اشكال المعارضة وقال إنَّ ما أفاده الشيخ الخراساني(قده) متين جداً، وسوف تصير النتيجة هي أن الاستصحاب التعليقي يجي من دون معارضة بالاستصحاب التنجيزي - وإنما توجد بينهما - لا في حالة العنبية ولا في حالة الزبيبية، لأنَّ في حالة الزبيبية الحلّية هي تلك الحلية السابقة المغياة بالغليان هي موجودة، فإشكال المعارضة سوف يرتفع وما أفاده الشيخ الخراساني(قده) يكون متيناً.


[1] كفاية الأصول، الآخوند الخراساني، ص412، ط مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
[2] وكان من المناسب أن يعالج هذه القضية ويشير إليها بشكلٍ وآخر، ولكنه لم يشر إليها أصلاً.
[3] مصباح الأصول، الخوئي، ج3، ص142.