الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الثاني ( هل الاستصحاب التعليقي حجة أو لا ؟) - تنبيهات الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

وفي مقام التعليق نقول: - إنك قلت في البداية: - ( إنَّ الاستصحاب الأول ينتج حرمة معلَّقة، ونحن سألنا وقلنا:- هل هذه الحرمة المعلَّقة تتحول إلى حرمة فعلية بالغليان أو لا؟ فإن لم تتحول فهي لا تنفع )، ولكن نقول:- هي لا تتحول إلى حرمة فعلية ولكنها تكفينا رغم كونها حرمة معلَّقة، حيث نقول صحيح إنَّ هذه الحرمة معلَّقة ولكن لا يلزم في تنجّز الحكم وصوله إلى مرحلة الفعلية كي يأتي التنجّز بعد مرحلة الفعلية، فإنَّ هذا مبنيّ على أنَّ التنجّز فرع الفعلية ولابد من وصول الحكم إلى مرحلة الفعلية ثم يتنجَّز - أي يستحق العقوبة على مخالفته -، ولكن نقول يكفي في التنجّز ثبوت الكبرى منضمَّة إلى الصغرى، فمثلاً في باب الحج قال تعالى:- ﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع ﴾ يعني إن كان المكلف مستطيعاً وجب عليه الحج، وهذا جعلٌ، فإذا وصلني هذا الجعل وقد تحقق الشرط بأن استطعت فهذا يكفي في التنجّز والعقل يحكم بذلك، وإذا قال قائل:- لابد من ثبوت الفعلية في المرحلة الأسبق على التنجّز كي يتنجّز بعد ذلك والفعلية بَعدُ لا مثبت لها؟ قلنا: - مادام الجعل قد وصل إلينا والمفروض أنَّ الشرط قد تحقق - أي تحققت الاستطاعة - فالعقل يحكم بلزوم الاتيان بالحج والعقلاء يلومونه إذا لم يذهب إلى الحج، وحتى الفقيه أيضاً يقول ذلك، نعم قد تقيده مصطلحات التي وضعها لنفسه في علم الأصول ولكنه لو تجرَّد عنها واقتصر على كونه إنساناً عرفياً عاقلاً فهو حينئذٍ يقول إنَّ التشريع ثابت عندي جزماً وكذلك الاستطاعة ثابتة فيجب عليَّ الحج عقلاً، وكل عاقل يقول هكذا ولا يلزم وصول الحكم أولاً إلى مرحلة الفعلية ثم يتنجَّز.

وتظهر الثمرة في موردنا، لأنه المفروض أنَّ هذا البيان الذي ذكرناه للحكومة كان يقول إنَّ هذه القضية التعليقية - وهي العنب إن غلى حرم - هل صات فعلية أو لم تصر فعلية؟ فأن لم تصر فعيلة فلا تنفع شيئاً وإذا صارت فعلية فصارت الحرمة فعلية ويرتّب حينئذٍ الآثار ويقول إنَّ هذه الحرمة الفعلية سوف ترفع الحلَّية الفعلية، ولكن كل هذا البيان هو متوقف على هذا، ولكن نحن قلنا إنه لا حاجة إلى ذلك بل قل إنَّ القضية الشرطية هي ثابتة من دون أن تتحول الحرمة المشروطة إلى فعلية، وإنما مادام قد علمنا بالجعل وأنه هناك حرمة مشروطة للعنب بالغليان وعلمنا بحصول الغليان فهذا يكفي للتنجّز من دون حاجةٍ إلى أن نفرض أولاً تحول الحكم من مرحلة التعليق إلى مرحلة الفعلية فإنَّ هذا ليس بلازم، وكل هذا البناء مبنيّ على أنَّ القضية التعليقية تتحول إلى قضية فعلية، أما إذا لم نشترط هذه الفعلية فسوف يبقى هذا البيان من دون أساس.