43/06/20
الموضوع: - التنبيه الثاني ( هل الاستصحاب التعليقي حجة أو لا ؟) - تنبيهات الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.
ويمكن أن يقال في الجواب على ما ذكره السيد الروحاني(قده): - صحيحٌ أنَّ الموضوع في لسان الدليل هو العنب الكلي ولكن لا بما هو عنب كلي وإنما بما هو مرآة إلى أفراد العنب، فإذا كان الأمر كذلك فعلى هذا الأساس يكون هذا الحكم ثابتاً لكل فرد من أفراد العنب، لأنَّ مصب الأحكام هو العناوين الكلية بما هي مرآة إلى مصاديقها، وهذا شيء مسلّم، فإذاً يجري الاستصحاب بلا محذور من هذه الجهة ولا يرد عليه هذا الاشكال.
وفي مقام التعليق على ما أفاده العلمان الشيخ الأصفهاني والسيد الشهيد نقول: -
أولاً: - إنَّ ظاهر ما أفاداه أن شرط جريان الاستصحاب هو أن يكون المستصحب مجعولاً شرعياً إما بنحو الحكم الفعلي أو بنحو الحكم التعليقي، ولذلك حاولا أن يفصّلا بين ما إذا فرض أنَّ الحرمة المشروطة كانت هي المجعولة في لسان الدليل وبين ما إذا لم تكن كذلك، وهذا معناه أنهما يبنيان على أنَّ شرط جريان الاستصحاب أن يكون المستصحب مجعولاً شرعياً، وفي التعليق نقول:- لا يلزم أن يكون المستصحب مجعولاً شرعياً بل يكفي أن يكون المستصحب قابلاً للتنجيز والتعذير، فإذا فرض أنه كان قابلاً للتنجيز كفى ذلك في جريان الاستصحاب، وفي مقامنا نقول إذا فرض أنَّ الاستصحاب التعليقي كان قابلاً للتنجيز والتعذير كفانا ذلك ولا يلزم أن يكون المستصحب مجعولاً شرعياً، وإذا لم يكن قابلاً للتنجيز فلا يجري الاستصحاب، وحينئذٍ نقول إذا لم تكن الحرمة المشروطة هي المجعول في لسان الدليل وإنما قيل ( العصير المغلي حرام ) أو ( يحرم العصير المغلي ) فليس نفس القضية المشروطة هي المجعولة فهنا أيضاً يجري استصحاب الحرمة إلى حالة الزبيبية رغم أنَّ القضية الشرطية ليست مجعولاً شرعياً، بل مادام هذا يكفي للتنجيز والتعذير فحينئذٍ يكفي ذلك لجريان الاستصحاب.
ثانياً:- إنَّ التفصيل بين ما إذا كان الرواية بلسان الشرطية مثل ( العصير العنبي يحرم إن غلى ) وبين ما إذا لم يكن بلسان القضية الشرطية مثل ( العصير العنبي المغلي حرام ) فلا يجري الاستصحاب فهذه التفرقة هي دقة أصولية في كلام الراوي الذي هو ليس بأصولي وإنما هو شخصٌ عرفي وهي غير مناسبة، فإنَّ من حق الراوي أن ينقل بأيّ واحدٍ من الشكلين، فمن حقه مرةً أن يقول قال الامام عليه السلام ( العصير العنبي المغلي حرام )، كما من حقه أن يقول أيضاً قال الامام عليه السلام ( العصير العنبي يحرم إن غلى)، فإن كلا التعبيرين واحدٌ عرفاً، فهو ينقل بالمعنى بشكلٍ مضبوطٍ، وهذا نقلٌ عرفيٌّ بشكلٍ مضبوط، نعم هو ليس بشكلٍ مضبوط أصولياً ولكن هذه دقة أصولية وليست عرفية، وهذه نكتة يجدر الالتفات إليها، فلا ينبغي أن نحمّل الدقة الأصولية على النص ونفرّق بما ذكر.
والمناسب: - هو جريان الاستصحاب التعليقي مادام قابلاً للتنجيز والتعذير سواء ذكرت الحرمة بنحو القضية الشرطية أو بنحو القضية الحملية، فإذا كان قابلاً للتنجيز والتعذير فهو حينئذٍ يصلح للجريان وإلا فلا، وحينئذٍ يكون المدار على ما ذكرناه، لا أن نقول إنَّ الاستصحاب التعليقي حجة مطلقاً، أو نقول هو ليس بحجة مطلقاً، وإنما يلزم أن نلاحظ هل أنه قابل للتنجيز والتعذير أو لا فإن كان قابلاً لهما فهنا سوف يجري ولا محذور فيه، وإلا فلا.
هذا كله في الدليل الأول على عدم جريان الاستصحاب التعليقي.