الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/06/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الثاني ( هل الاستصحاب التعليقي حجة أو لا ؟) - تنبيهات الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

والمناسب ما ذكره الشيخ النائيني(قده): - وذلك من جهة إمكان مناقشة المبنى والبناء.

أما المبنى - وهو تفسير الحكم بالإرادة - فنقول: - توجد عدّة منبهات تساعد على كون الحكم هو اعتبار وليس إرادة: -

المنبّه الأول: - قضاء الوجدان بذلك، فإنَّه قاضٍ بأنَّ الحكم هو اعتبار وليس ارادة، ولذلك نرى حينما يراد إصدار حكمٍ من قبل جهة معينة كالدولة مثلاً فهي تقول ( على كلّ من بلغ السنَّ القانوني خدمة العلم ) أو يقول الشرع ( على كلّ من بلغ سنَّ الرشد الصلاة والصوم والحج )، فيؤتى بتعبير ( على ) وهو يتناسب مع كون القضية هي قضية جعل، فإنَّ الجعل يتناسب مع التعبير بمثل هذه التعابير دون الارادة وحدها.

المنبه الثاني: - التعابير القرآنية، حيث ورد ﴿ كتب عليكم الصيام ﴾، و﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ﴾، وهكذا التعابير الأخرى التي هي من هذا القبيل، فمثل هذه التعابير تتناسب مع فكرة الجعل وليس مجرّد الارادة.

المنبّه الثالث: - لو كان الحكم عبارة عن الارادة وليس جعلاً فلو فرض أنَّ شخصاً أخبرني بوجود الارادة للمولى بكذا ولم يخبرني بأنه أوجب عليَّ ففي مثل هذه الحالة قد لا اعتني بهذا النقل، وإنما المهم عندي هو ما إذا ألزمني بذلك وكتبه عليَّ لا أنه توجد عنده مجرد إرادة لذلك.

المنبّه الثالث:- إنَّ الشخص قبل تحقق الاستطاعة لديه لا يصح نسبة وجوب الحج إليه أما بعد استطاعته يصح أن نسبة الحج إليه فنقول وجب عليك الحج وهذا يتناسب مع كون الحكم هو جعل، بينما لو كان الوجوب هو ارادة فقط فيلزم أن ننسب الوجوب للمكلف قبل الاستطاعة وبعدها على السواء، فإنَّ الارادة الفعلية ثابتة حتى قبل الاستطاعة أيضاً، نعم ليست لها فاعلية ولكنها موجودة، فلو كان الوجوب هو إرادة لأمكن أن ننسب وجوب الحج إلى المكلف حتى قبل تحقق الاستطاعة خارجاً، لأنَّ الشيخ العراقي(قده) يقول إنَّ الارادة موجودة قبل تحقق الشرط خارجاً وإنما الشرط بتحققه الخارجي هو شرط لتحقق الفاعلية وليس لفعلية ارادة، فيلزم نسبة الوجوب إلى المكلّف مطلقاً وهذا باطل بالوجدان.

ومن المنبهات: - إنه على رأي الشيع العراقي(قده) يلزم عدم صحة النسخ، أما على رأي الشيخ النائيني(قده) يصح النسخ، لأنه على رأي الشيخ العراقي(قده) الحكم هو إرادة ونسخ الإرادة لا معنى له، بخلافه على رأي الشيخ النائيني(قده) فإنَّ الحكم هو جعلٌ وإنشاءٌ ونسخ الجعل والإنشاء شيء عقلائي وجيه.

ولعله توجد منبهات أخرى.