الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الثاني ( هل الاستصحاب التعليقي حجة أو لا ؟) - تنبيهات الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

المثال الثاني:- المسكوكات الذهبية المضروبة بسكة التعامل فإنَّ لها حكمان، الحكم الأول إذا حال عليها الحول وكانت نصاباً معيناً وجبت فيها الزكاة، والحكم الثاني يجوز اقتناؤها، فالاقتناء يجوز بنحو الحكم التنجيزي وليس معلقاً، وأما وجوب الزكاة فيها إذا فرض أنه هجر التعامل بها كما في زماننا فشككنا هل تجب الزكاة فيها إذا بلغت النصاب رغم هجران التعامل بها أو لا فهذا حكم تعليقي، فإنَّ وجوب الزكاة معلَّقٌ على أن تبلغ هذه المسكوكات مقدار النصاب المعين، فإذا كانت بلغت النصاب المعين ولكن هجر التعامل بها نشك هل تجب فيها الزكاة أو لا، ففي مثل هذه الحالة يكون استصحاب وجوب الزكاة هو استصحابٌ لحكمٍ تعليقي، فإنَّ الزكاة إنما تجب فيما إذا بلغت النصاب المعين وحال عليها الحول، فوجوب زكاتها معلَّق على الحول ولكن الآن هجر اتعامل بها فاستصحاب وجوب الزكاة المعلّق على الحول هو استصحابٌ لحكمٍ تعليقي، نعم يمكن أن نستصحب جواز الاقتناء فإنه حكم تنجيزي، أما أنه هل يمكن استصحاب وجوب الزكاة عليها إذا بلغت النصاب والمفروض أنَّ الحول قد حال عليها فإنَّ وجوب الزكاة معلَّق على أن يحول الحول أو لا يمكن استصحابه؟

المثال الثالث: - الماء القليل إذا لاقاه متنجس - وليس عين نجاسة -، فحينئذٍ يوجد هنا حكمان، الحكم الأول يجوز شربه قبل أن يلاقيه المتنجّس، وجواز شربه حكم ثابت بنحو الفعلية وليس معلقاً، والحكم الثاني هو جواز الوضوء أو الغسل به، فجواز شربه حكم فعلي فيمكن استصحابه إذا شككنا في تنجّس الماء بملاقاة المتنجس، فيكون هذا استصحاب لحكم تنجيزي ولا مشكلة فيه لأنه ليس معلقاً على شيء، وأما جواز الغسل والوضوء به فهو حكم تعليقي.

وقد يقول قائل: - إنَّ جواز الوضوء حكم تنجيزي وليس تعليقياً؟

ولكن نقول: - نحن لا نقصد من الجواز هنا الجواز التكليفي، فإنَّ الجواز التكيفي ثابتٌ جزماً حتى لو كان الماء نجساً فإنَّ الوضوء والغسل بالماء المتنجس ليس حراماً، وإنما المقصود من جواز الوضوء به هنا يعني إن توضأت به يجوز لي أن أصلي به؟، فهو حكمٌ معلَّق، ونحن نقصد استصحاب هذا الحكم المعلَّق، وإلا فالجواز التكليفي هو ثابت من البداية بنحو الحكم التنجيزي.

المثال الرابع: - ما إذا صار الحيوان جلّالاً وشككنا في بقاء جواز أكله وكذلك شككنا في ملكيته، كما لو كانت عندي شاة وصارت جلّالة، فمرة نشك في بقاء ملكيتها حيث كانت ملكيتها ثابتة سابقاً بنحو التنجيز فيجري استصحاب بقائها، وأما جواز أكل لحمها فهو حكمٌ تعليقي فإنه معلَّق على التذكية - كما هو المركوز في أذهاننا -، فإذا صار الحيوان جلّالاً فهل يجوز أن نستصحب هذا الحكم المعلَّق ونقول يجوز أكله إن ذّكي أوز لا يجوز ذلك؟