الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الأقوال في حجية الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

وقد تذكر إشكالات أخرى على شبهة المعارضة التي ذكرها السيد الخوئي والنراقي(قده): -

الإشكال الأول: - إنَّ استصحاب الجعل لا يجري في حدّ نفسه، فإنَّ الجعل عبارة عن الإنشاء، والإنشاء لا معنى لإجراء الأصل بلحاظه، إذ لا أثر لنفي الجعل والانشاء وإنما الأثر تمام الأثر هو للحكم الفعلي لا لأصل الجعل، فإنَّ الجعل لا يجب علينا إطاعته ولا يحرم علينا عصيانه، وإنما الذي يجب علينا إطاعته ويحرم عصيانه هو الوجوب المجعول، وإذا قبلنا بهذا يعود إجراء الأصل في الجعل من دون ثمرة لأنه لا تجب إطاعته، فنحن لا يلزمنا أن نطيع الجعل وإنما يلزم أن نطيع الوجوب المجعول أما الانشاء فلا إطاعة له ولا عصيان، وإنما الإطاعة والعصيان هما للوجوب المنشأ، وبالتالي يكون استصحاب بقاء الوجوب له أثر وهو وجوب الإطاعة، أما أصالة عدم الجعل الزائد - عدم الإنشاء الزائد - فلا أثر له فلا يجري، وبذلك تكون المعارضة منتفية.

وفي الجواب نقول:- إنَّ تنجّز الحكم موقوفٌ على مطلبين، الأول تشريع الحكم، والثاني بقاء ذلك الحكم المشرَّع، ونفي التنجّز يكفي فيه نفي أحد هذين المطلبين، فإذا نفينا التشريع فقد انتفى التنجّز، فإنَّ التنجّز فرع وجود إنشاء - أي جعل وتشريع - وبقاء الحكم، فإذا انتفى التشريع من الأساس فحينئذٍ انتفى التنجَّز ويحكم العقل حينئذٍ بعدم لزوم التنجّز، فإذاً التشريع له تأثير على التنجّز ولذلك قيل إنَّ تنجّز الحكم يكون بوصول الكبرى والصغرى، والكبرى هي عبارة عن أصل التشريع، فالتشريع لابد وأن يصل، فإذا نفينا التشريع وقلنا لا يوجد هذا التشريع فسوف ينتفي التنجّز، فإذا قلنا مثلاً إنَّ أصل الجعل والانشاء بلحاظ زمان الغيبة لوجوب صلاة الجمعة ليس موجوداً فسوف ينتفي التنجّز، وعلى هذا الأساس أصالة عدم الجعل حيث إنَّ لها دوراً فعّالاً في نفي التنجّز فتكون صالحة للجريان والمعارضة مع استصحاب بقاء المجعول، ولا معنى لأن يقال إنَّ التشريع نفياً وإثباتاً لا أثر له وإنما الأثر لبقاء الحكم فأصالة عدم الجعل لا أثر لها، فإنَّ هذا الكلام باطلٌ بعدما كان التنجّز موقوفاً على ثبوت الجعل وبقاء المجعول، فإذا نفينا الجعل انتفى التنجّز.