الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الأدلة على حجية الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

وهناك صياغة أخرى للبيان الثاني: - وذلك بأن يقال:- إنَّ الشبهة في باب النوم شبهة مفهومية للشك في شمول مفهوم النوم لما إذا حُرِّك إلى جنب الشخص شيء ولم يلتفت فهذا نوم أو ليس بنوم، فمرة يكون قد نام قطعاً فهذا قدرٌ متيقن ولكن توجد مرتبة يشك أنها من النوم أو لا كحالتنا هذه فهنا تصير الشبهة مفهومية لمفهوم النوم، حيث يشك في مفهوم النوم سعةً وضيقاً، فهل هو ضيق يختص بخصوص الفرد المتيقّن أو يعم المشكوك - وهو نوم العين - وقد قرأنا في علم الأصول أنَّ الاستصحاب لا يجري في موارد الشبهة المفهومية، لأنَّ النوم بذلك المعنى المتيقَّن جزمي العدم والنوم بمعنى إذا حرّك في جنبه شيء ولا يعلم نشك في أصل صدق النوم عليه وأنه مصداق للنوم أو لا فليس من المعلوم أنه نوم، وحينئذٍ لا يمكن أن يجري الاستصحاب، لأنَّ أحد الأفراد متيقن مصداقيته للنوم وأما الفرد الثاني مصداقيته له مشكوكة، فحينئذٍ لا يوجد مفهوم متيقّن في المورد حتى نشك في أنَّ هذا المفهوم تحقق أو لم يتحقق وإنما الشك بين مصداقي المفهوم، وفي مثله لا يجري الاستصحاب في النوم، إذ بأحد معنييه جزمي العدم، وبالمعنى الثاني جزمي الحدوث، ولذلك قيل لا يجري الاستصحاب في الشبهة المفهومية، وحينئذٍ نحمل الرواية على قاعدة المقتضي والمانع.

والجواب: - قلنا فيما سبق: -

أولاً: - إنَّ تحكيم المباني الأصولية على الروايات شيء غير صحيح، بل علينا أن نأخذ بظاهر الروايات ونتحفظ عليها ونضيّق المباني الأصولية أو نرفع اليد عنها، وعلى هذا الأساس أنت قلت ( إنَّ المورد من الشك السببي المسبَّبي فمن المناسب أن يجري الاستصحاب في الشك السببي - يعني في النوم فنستصحب عدم النوم والحال أن الامام عليه السلام استصحب الطهارة -) ونحن نقول إنَّ هذا تحكيم للمباني الأصولية على الروايات والحال أنه لابد وأن نأخذ بالرواية ونطرح المبنى الأصولي أو نخصصه ونقول ( إلا في باب الوضوء ) فإنَّ المناسب هو هذا.

ثانياً: - يمكن أن يقال إنَّ الاستصحاب السببي والمسبَّبي إذا كانا متوافقين فلا يتقدم الاستصحاب السببي وإنما يتقدم فيما إذا كانا متخالفين في النتيجة، أما إذا كانا متوافقين كما في موردنا - لأنَّ استصحاب عدم النوم مع استصحاب بقاء الوضوء نتيجتهما متوافقة - فلا مانع اجراء الاستصحاب المسببي وعدم النظر إلى الاستصحاب السببي.