43/03/26
الموضوع: - الأدلة على حجية الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.
بيانات لإثبات أنَّ قاعدة ( لا ينقض اليقين بالشك ) هي قاعدة عامة ولا تختص بالوضوء: -
البيان الأول: - إنَّ الصغرى قد قيدت اليقين بالوضوء، وهذا سوف يجعلنا نحتمل أنَّ هذه القاعدة مختصّة بالوضوء، لأنَّ الصغرى قالت ( فإنه على يقين )، فكلمة ( اليقين ) الواردة في الكبرى - التي هي ( ولا تنقض اليقين أبداً بالشك ) - لو كان المقصود منها خصوص اليقين بالوضوء فسوف يصير مضمون الكبرى نفس مضمون الصغرى، فصار المدّعى نفس الدليل ولم تصر مغايرة بينهما.
وفي مقام التعليق نقول: - هذا وجيه فيما إذا فرض أنَّ اليقين كان بخصوص الوضوء والشك أيضاً كان مقيداً بخصوص الخفقة - يعني النوم -، فإذا كان الامام عليه السلام يقول له ( وإلا فإنه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين بالوضوء بالشك في خصوص النوم ) بحيث أنَّ متعلَّق الشك هو خصوص النوم فحينئذٍ سوف يكون المدّعى عين الدليل، ولكن المفروض أنَّ الشك قد أخذ مطلقاً وغير مقيد بالنوم، نعم اليقين أخذ مقيداً بالوضوء أما الشك الناقض فلم يؤخذ مقيداً بالشك في النوم، وعلى هذا الأساس صارت مغايرة بين الدليل بين المدّعى، فالمدّعى هو أنَّ من كان على يقينٍ من الوضوء ثم شك بسبب احتمال النوم فهذا لا يبطل وضوءه لأنَّ اليقين بالوضوء لا ينقض بالشك أيُّ شك لا الشك بالنوم فقط، نعم إذا كان الشك في خصوص النوم فصحيح أنه سوف تصير اتحاد بينهما، أما إذا فرض أنَّ الشك أخذ في مطلق الناقض وليس في خصوص النوم فحينئذٍ لا يلزم اتحاد المدّعى مع الدليل.
البيان الثاني:- ما ذكره الشيخ الخراساني(قده) وحاصله:- إنَّ الأصل في اللام أن تكون جنسية ، قال:- ( مع أنَّ الظاهر أنه للجنس ) ، [1] يعني أنَّ المقصود من اليقين هو جنس اليقين الذي يشمل اليقين في باب الوضوء واليقين في غير باب الوضوء، فتصير قاعدة عامة.
وفي مقام التعليق نقول: - صحيح أنَّ الأصل في اللام أن تكون جنسية، بيد أنَّ الأخذ بهذا الأصل يكون متعيناً ولازماً فيما إذا لم يحتف الكلام ببعض القرائن التي تساعد على حملها على غير الجنس، وحيث أنَّ الحوار والسؤال هو عن باب الوضوء فحينئذٍ لا يمكن الأخذ بهذا الأصل لاحتفاف الكلام بما يصلح للقرينية على الاختصاص بباب الوضوء.
البيان الثالث: - أن يقال: - إذا بنينا على أنَّ جواب الشرط محذوف - والشرط هو ( وإن لا يتيقن ) – وتقدير الجواب ( فلا يجب عليه الوضوء ثانيةً )، فخذف الجواب وذكر التعليل له والتعليل هو ( فإنه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين الشك ) فهذه الصغرى والكبرى جاءت تعليلاً لجواب الشرط المحذوف الذي حذف لوضوحه، فنتمسك بقاعدة عموم التعليل فإنَّ الأصل في التعليل أن يكون عاماً ولا يختص بمورده، والمورد هو باب الوضوء فنتعدّى إلى غير باب الوضوء.
ويردّه: -
أولاً: - وهي قضية فنّية، حيث يمكن أن يقال إنَّ التمسك بعموم التعليل لا يتوقف على أن يكون جواب الشرط محذوفاً، بل سواء كان جواب الشرط محذوفاً أو مذكوراً فهذه الصغرى والكبرى يمكن التمسك بعمومها.
ثانياً: - يمكن أن يقال إنَّ الرواية حينما قالت ( ... ولا تنقض اليقين بالشك ) هي خاصة بالوضوء ولكن لا يلزم من ذلك خلاف قاعدة التعليل، بل رغم الاختصاص بباب الوضوء ولكن يمكن أن نتمسك بعموم التعليل، وذلك بأن نقول إنه لولا فكرة عموم التعليل لكان يحتمل أنَّ هذا الحكم خاص بهذا الوضوء الذي صدر من زرارة، فجاء التعليل ليبين أنَّ هذا الحكم يعم كل يقينٍ بالوضوء، فهو يبين قاعدة عامة لكل يقينٍ بالوضوء من دون اختصاصٍ بمورد السؤال والجواب، فيكفي لإشباع حاجة قاعدة عموم التعليل التوسعة لا بحدّها الكبير بل التوسعة لأكثر من وضوء زرارة، فيراد أن يقال كل وضوءٍ حكمه كذلك وأنه لا ينتقض بالشك، وعلى هذا الأساس لا ينفعنا التمسك بعموم التعليل لإثبات التعدّي إلى غير باب الوضوء بل يمكن أن يكون بلحاظ الوضوءات الأخرى.