الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/03/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الأدلة على حجية الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

ذكرنا في المحاضرة السابقة أنَّ التمسك بالسيرة العقلائية لإثبات حجية الاستصحاب قد يتمسك لحجيته بكونه مفيداً للظن، وقد يتمسك لإثبات حجيته بما أشرنا إليه من التمسك السيرة، وقد يتمسك لإثبات حجيته بالأخبار.

أما بالنسبة إلى التمسك بالسيرة فقد قلنا هو إنه موقوف على أمرين: -

الأول: - يلزم أن تكون السيرة منعقدة بشكلٍ يكون السكوت عنها إمضاءً لها، وبينا وجود ثلاثة اشكال للسيرة، والشكل الثاني هو الصحيح، وهو أن تنعقد السيرة العقلائية على العمل بالاستصحاب في الأغراض التكوينية ولكن إذا سكت الشارع عن العقلاء ولم يردعهم عن تطبيقها في المجال الشرعي يحتمل أنهم يطبقونها في المجال الشرعي أيضاً، فمن باب الحذر المسبق لابد من الردع عن تطبيقها في يوم من الأيام في المجال الشرع، فسكوت الشارع عن ذلك يدل على رضاه بتطبيقها في المجال الشرعي وإلا لردع حذراً على أحكامه.

الثاني: - والذي هو المهم في حجية السيرة، هو عدم الردع الشرعي عنها، والردع إنما يكون بالآيات والروايات الناهية عن اتباع غير العلم.

ثم قلنا إنَّ الشيخ الأعظم(قده) تمسك بالسيرة في موارد متعددة في الكفاية، منها مورد حجية خبر الواحد، ومنها مورد الاستصحاب، أما في مبحث خبر الواحد فقد قال إنه قد يتمسك لإثبات حجية خبر الثقة بالسيرة العقلائية على العمل بأخبار الثقات.

ثم قال: - إنما تكون السيرة حجة فيما إذا لم يكن مردوعاً عنها، ورب قائل يقول هي مردوع عنها بالآيات الناهية عن اتباع غير العلم.

وقد أجاب عن هذا الاشكال بأربعة أجوبة: -

الأول: - إنَّ الآيات الناهية عن اتباع غير العلم هي ناظرة إلى باب العقائد وأصول الدين لا إلى الفروع مثل العمل بخبر الثقة.

الثاني: - إنَّ هذه الآيات منصرفة إلى الظن الذي لم تقم حجة على اعتباره، وخبر الثقة قامت الحجة على اعتباره، والحجة عليه هي السيرة.

الثالث: - مسألة الدور، حيث قال إنَّ رادعية الآيات عن السيرة يلزم منها الدور، لأنَّ عموم الآيات فرع عدم تخصيص تلك السيرة لعموم الآيات، وعدم تخصيص السيرة لعموم الآيات موقوف على رادعية الآيات عن السيرة، وحينئذٍ لا تكون السيرة مخصِّصة للآيات، فإذاً الرادعية تكون دورية.

الرابع: - إنَّ السيرة جرت على الأخذ بالخبر كمنجّز ومعذّر والعقل يحكم بأن كل ما يكون منجّزاً ويتبع عند العقلاء يجوز اتباعه في الشرعيات أيضاً إلا أن يثبت الردع الجزمي عنه أما احتمال الردع فلا يكفي، والردع الجزمي في مقامنا ليس بموجود.

ولكن حينما وصل إلى مبحث الاستصحاب قال: - إنَّ سيرة العقلاء جرت على العمل بالاستصحاب.

ثم قال بعد ذلك: - إنه بعدما جرت السيرة على العمل بالاستصحاب ففي مثل هذه الحالة نقول يكفي في الردع عن هذه السيرة عموم الآيات.

وبادئ ذي بدء يأتي عليه إشكال: - وهو أنك قلت في مبحث حجية الخبر إنَّ رادعية الآيات دورية، فكيف حينما وصلت إلى باب الخبر قلت صحيح أنَّ السيرة قد جرت على العمل بالاستصحاب ولكن هناك رادع وهو عموم الآيات الناهية عن اتباع الظن، فلماذا أنت قبلت برادعية الآيات عن السيرة على العمل بالاستصحاب بينما لم تقبل رادعية عموم الآيات عن السيرة على العمل بالخبر، وهذا تهافت؟

وقد قلنا: - إنَّ هذا إشكال سجله الشيخ النائيني(قده) والسيد الخوئي(قده) على صاحب الكفاية(قده)، بينما الشيخ العراقي(قده) قال لا يوجد تهافت في البين.