الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الأدلة على حجية الاستصحاب - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

وأما المقدمة الثانية - وهي الكبرى وهي أنَّ كل ظن حجة -: - فعهدتها على مدعيها، فنحن لا نسلّم بأنَّ كل ظن هو حجة، بل الحجة فقط هو خصوص الظن الذي قام عليه الدليل المعتبر.

وما الدليل الثاني - وهو السيرة - فقد يقال:- إنَّ سيرة العقلاء قد جرت على الأخذ بالحالة السابقة، وحيث لا ردع عنها فيثبت بذلك إمضاؤها، قال صاحب الكفاية:- ( استقرار بناء العقلاء بل ذوي الشعور من كافة أنواع الحيوان على العمل على طبق الحالة السابقة وحيث لم يردع عنه الشارع كان ماضياً )[1] .

وفي مقام التعليق نقول: - صحيح أنه لا يبعد أنَّ العقلاء يعملون بالحالة السابقة ولكن توجد مناشئ متعددة لعملهم فإن العقلاء ليست لهم قضايا تعبّدية، فحينما يأخذون بالحالة السابقة فلابد وأن يكون ذلك لنكتةٍ، فإما لحصول الاطمئنان بالبقاء فيكون المدار على الاطمئنان، أو لأجل الاحتياط فتكون النكتة هي الاحتياط، فهذا الشخص كان محتاجاً أولاً فالآن هو محتاج أيضاً احتياطاً لحاله، أو مناشئ أخرى من هذا القبيل، فصحيح أنَّ السيرة منعقدة ولكن لمناشئ مختلفة، ولذلك لا يمكن الأخذ بها بعرضها العريض.

نعم هناك كلام للشيخ النائيني(قده) حاصله:- إنَّ الله عزّ وجل أودع في فطرة الانسان الانسجام والتفاعل مع الحالة السابقة من دون منشأ - فلا لأجل الظن أو الاطمئنان أو ما شاكل ذلك -، فهو أودع في قرارة نفسه وفي جبلّته ذلك، قال:- ( إنَّ التعبّد بالشك من العقلاء وإن لم يكن في نفسه معقولاً إلا أنه يمكن أن يكون ذلك بإلهام من الله تعالى حتى لا تختل أمور معاشهم ومعادهم فإنَّ لزوم اختلال النظام مع التوقف عن الجري على الحالة السابقة مع الشك واضح فلأجله جعل الله تعالى الجري على طبقها من المرتكزات في أنفسهم مع عدم وجود كاشفٍ عن تحققها أصلاً، وعلى كل حال فلا مجال لإنكار دعوى بناء العقلاء على ذلك في الجملة )[2] .

والجواب واضح حيث نقول: - نحن نحتمل - ويكفينا الاحتمال - وجود مناشئ لهذه السيرة من اطمئنان أو من احتياط أو من غير ذلك، لا أنَّ السيرة منعقدة بشكلٍ واضح حتى نقول وحيث لا ردع عنها فيثبت امضاؤها فإنَّ هذا أوّل الكلام.


[1] كفاية الأصول، الآخوند الخراساني، ص387، ط مؤسسة آل البيت.
[2] أجود التقريرات، الخوئي، ج2، ص357.