الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

43/03/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الفارق بين الاستصحاب وقاعدة اليقين - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

فإذا قلنا بحجية الاستصحاب فسوف تكون النتيجة هي أني لو شككت في بقاء الوضوء وانتقاضه هي الحكم ببقاء الطهارة، أما في قاعدة اليقين فإذا بنينا على حجيتها فأنا وإن شككت في أصل الوضوء ولكن بناءً على حجية قاعدة اليقين أحكم بتحقق الوضوء صباحاً، لأنه إذا كان يوجد عندي جزم بتحقق الوضوء صباحاً فهو باقٍ، فقاعدة اليقين تقول لي إنَّ وضوءك حاصل ويقينك السابق صحيح ولا تعتنِ لشكك اللاحق، فإذاً بناءً على فكرة الاستصحاب نحكم بالبقاء، وأما بناءاً على قاعدة اليقين فنحن نحكم بالحدوث وأما البقاء فهو مترتب بنحو العلم الوجداني، فأنا أعلم وجداناً بأنه إذا تحققت الطهارة صباحاً فهي باقية، فالبقاء يكون ثباتاً بالعلم الوجداني - إن صحَّ التعبير - والذي انتفع به من خلال قاعدة اليقين هو الحكم بتحقق الحدوث - أي بتحقق الطهارة صباحاً -، وبهذا صار الفارق بين قاعدة اليقين والاستصحاب واضحاً.

ونقول شيئاً آخر: - وهو أنه في باب الاستصحاب لا يلزم تحقق عنوان الشك في البقاء، فإنَّ الشك في البقاء ليس بلازم وإن كانت الحالة العامة هي الشك في البقاء وبحسب تعابيرنا نعبّر بالشك في البقاء ولكن الاستصحاب يمكن أن يجري وإن لم يكن المورد من قبيل الشك في البقاء، كما لو فرض العلم بحدوث شيءٍ إما قبل ساعة أو الآن، فهو قد حدث في أحد الآنين إما في الآن السابق أو في الآن الحالي، وعلى تقدير حدوثه في الآن السابق احتمل بقاءه، ففي مثل هذه الحالة نحكم بتحقق ذلك الشيء تمسكاً بالاستصحاب رغم أنَّ الشك لا نحرز كونه شكاً في البقاء، فأنا إما توضأت صباحاً حين خروجي إلى الدرس أو أني توضأت الآن فهل أحكم بالطهارة هنا أو لا فإنه يحتمل الأمرين معاً، وفي مثل هذه الحالة أنا على يقين من أحدهما إما الوضوء الصباحي أو الوضوء الآن، وفي مثل هذه الحالة لا يكون المورد من موارد الشك في البقاء لفرض أني لا أجزم بتحقق الطهارة صباحاً، ولكن مع ذلك أحكم بتحقق الوضوء الآن تطبيقاً لقاعدة عدم تنقض اليقين بالشك، فإنها تكون سارية المفعول رغم أنه لا يوجد شك في البقاء، فنحن نطبق قاعدة عدم جواز نقض اليقين بالشك رغم أنَّ المورد ليس من موارد الشك في البقاء - يعني ليس من موارد الاستصحاب المتعارف -.

إذاً اطلاق قوله عليه السلام: - ( لا تنقض اليقين بالشك ) شامل حتى للمواد التي لا يكون الشك فيها شكاً في البقاء كما في هذا المورد فإنه لا يوجد شك في البقاء ولكن رغم ذلك نحكم بتحقق الطهارة.