الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/11/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

وفي مقام التعليق نقول: - يمكن أن نفسّر الابقاء بالعمل، ودعوى أنَّ هذا لا يتم فيما إذا كان المدرك لحجية الاستصحاب هو حكم العقل لأنَّ العقل ليس له عمل بل له حكم مدفوعةٌ بأنه صحيح أنَّ العقل ليس له عمل ولكنه يدرك ضرورة العمل على طبق الحالة السابقة، فالعمل هو بهذا المعنى، أي بمعنى إدراكه ضرورة العمل ولزومه على طبق الحالة السابقة، فيرتفع الاشكال، فالعمل يتحقق بلحاظه العمل ولكن بمعنى إدراك ضرورة العمل على طبق الحالة السابقة، هذا بناءً على تفسيره الابقاء بالعمل، وأما إذا فسّرناه بالحكم بالبقاء فالشيخ الأصفهاني(قده) قال:- إنَّ هذا يتم بناءً كون المدرك هو الأخبار لأنَّ الأخبار فيها حكم فهي تحكم بالبقاء وهذا شيء جائز، كما يتم بناءً على كون المدرك هو العقل لأنَّ العقل يحكم بأحكام فهو كما يحكم بأن الكذب قبيح والصدق حسن أو هذا مستحيل وذاك ممكن كذلك الحال هنا ولكن الحكم لا يتحقق بناءً على كون مدرك حجية الاستصحاب هو العقلاء فإن العقلاء ليسوا أصحاب حكم وإنما الحكم هو وظيفة شرعية أو وظيفة عقلية وليست وظيفة عقلائية، وجوابه:- إنه لو قدّر في يوم من الأيام أنَّ العاقل صار مولىً وعنده عبيد فيحكم آنذاك ببقاء ما هو مشكوك بقاءً إذا كان متقيناً سابقاً فيقول لعبيده متى ما تيقنتم بتكليفٍ صدر مني وشككتم بقاءً في بقائه وارتفاعه فعليكم أن تحكموا ببقائه أو أحكم عليكم ببقائه، وهذا شيء وجيه، فصحيح أنَّ العاقل لو كان وحده لا يصدر منه حكم، أما لو قدّر له أن يصير مولى وعنده عبيد أو أنه صار أباً لأولادٍ فإنه سوف يحكم عليهم بأنه إذا كلفتكم بشيءٍ وشككتم ببقائه فأنا أحكم عليكم ببقائه، فإذاً الحكم يصدر من العاقل لو قُدِّر له أن يصير مولىً وتصدر منه الأحكام.

ومن خلال هذا اتضح أنَّ التعريف الذي نقله الشيخ الأعظم(قده) للاستصحاب من أنه ( ابقاء ما كان ) شيء وجيه ولا يرد عليه الاشكالين السابقين، ونلفت النظر إلى أنَّ تعريف الاستصحاب بهذا الشكل أو بذاك ليس مهماً وإنما هي قضية فنّية لا بأس بالالتفات إليها.