الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/11/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه التاسع ( تعارض الضررين بأنحائه الأخرى ) - تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.

بقيت رواية السكوني ماذا نصنع بها: - فإنها لم تقسّم الخسارة بالنسبة وإنما قالت عندما اختلط دينار من شخص ودينارين من شخص آخر فبعد سرقة دينار واحد منها تقسّم الخسارة نصفين فهذه الرواية لم تراعِ التقسيم وفق النسبة كما ذكرنا، فكيف ندفع هذه الرواية؟

والكلام تارة يقع من حيث سندها وأخرى من حيث دلالتها: -

أما من حيث السند: - فقد رواها الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن إبراهيم بن هاشم عن الحسين بن يزيد النوفلي عن اسماعيل بن أبي زياد السكوني عن جعفر عن ابيه عن علي عليه السلام أنه قال: - .... ، وقد قلنا لو رجعنا إلى الفهرست أو المشيخة وجدنا طريق الشيخ إلى محمد بن أحمد بن يحيى معتبر، ومحمد بن أحمد بن يحيى هو صاحب كتاب نوادر الحكمة وهو ثقة، وأما إبراهيم بن هاشم فلا يوجد توثيق واضح منصوص في حقه وإنما ورد أنه نشر حديث الكوفيين في قم، فإذا أردنا أن نوثقه فيوجد لذلك منشآن، أحدهما أنه نشر حديث الكوفيين بقم، فحينما قبل أهل قم بأحاديثه رغم معرفة مدرسة قم بالتشدد فهذا يدل على كونه كان رجلاً مقبولاً في الوسط الشيعي وإلا كيف استطاع أن ينشر أحاديث مدرسة الكوفة في مدرسة قم المتشددة، والثاني إكثار ولده علي الرواية عنه، فإذاً يمكن اعتباره لهذين الأمرين، وإنما المشكلة في النوفلي والسكوني، أما السكوني فيمكن اعتباره لأنَّ الشيخ الطوسي في كتاب العدَّة قال ( اجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة من غير أصحابنا ... والسكوني ... )، فهذه العبارة من قبل الشيخ يعطي اعتبار للسكوني ولذلك السكوني يعمل برواياته من هذا الباب، ومادامت العصابة تأخذ برواياته فيكون هذا توثيقاً عملياً له، وأما النوفلي فيوجد طريق لتوثيقه وهو أن نقول بما أنَّ السكوني كثيراً من يروي عنه النوفلي فإذاً وثّقت روايات السكوني وقيل هي معتبرة وق أجمعت العصابة على تصحيح ما يثبت عن السكوني والمفروض أنَّ الكثير من روايات السكوني جاءت عن طريق النوفلي فسوف يكون هذا التوثيق لروايات السكوني يدل بالالتزام العرفي على توثيق النوفلي وأنه يسكت من ناحية النوفلي وإلا سوف يلزم سقوط الكثير من روايات السكوني عن الاعتبار، وهذا خلف ما قاله الشيخ الطوسي من أنّ العصابة اجمعت على تصحيح ما يصح عن جماعة منهم السكوني، فإذاً يمكن اعتبار النوفلي، فتكون الرواية معتبرة السند.

وأما من حيث الدلالة: - فإنَّ هذه الرواية خلاف مقتضى قاعدة العدل والانصاف، فإن قاعدة الانصاف تقتضي أن تكون قسمة الخسارة أثلاثا ثلثاً على صاحب الدينار وثلثان لصاحب الدينارين وليس نصفين كما قالت الرواية، فماذا نصنع لهذه الرواية؟

والجواب أن يقال: - نحن نقتصر بها على موردا تعبّداً ولا نتعدّى من موردها إلى غيره، فيف غير موردها نعمل بقاعدة العدل والانصاف بالشكل الذي أشرنا إليه وهو التقسيم حسب درجة الاحتمال، بينما رواية السكوني تدل على أنَّ القسمة تكون بالتنصيف، فبما أنَّ الرواية معتبرة فنقتصر على موردها، أما في سائر الموارد فنعمل على طبق النسبة وعلى حسب قاعدة العدل والانصاف.

هذا كله في الاحتمال الثاني ومنه يتضح الحال بأنَّ المناسب في كيفية تقسيم الخسارة هو الاحتمال الثالث.

الاحتمال الثالث:- أن نقسّم الخسارة حسب نسبة الاحتمال بالشكل الذي أوضحناه، ففي محل كلامنا نلاحظ مال صاحب الحيوان كم هو قداره ومال صاحب القدر كم هو مقداره، وفي مثل هذه الحالة نقسّم الخسارة على طبق النسبة كما قسّمنا بالنسبة إلى الدنانير الثلاثة، حيث قلنا إنَّ ديناراً واحداً لا نزاع فيه ويبقى الدينار الآخر تكون ثلثا خسارته على صاحب الدينارين وثلث خسارته تكون على صاحب الدينار، يعني ندفع لصاحب الدينار ثلثي دينار وأما صاحب الدينارين فندفع له ديناراً وثلث فهو الذي يتحمل الخسارة الأكبر، وهنا نسير على طبق هذا الأمر أيضاً فإنَّه هو المناسب.