الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/11/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه التاسع ( تعارض الضررين بأنحائه الأخرى ) - تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.

والثالثة أن يريد الطرفان معاً ذلك، فكلا الطرفين يريد فرز المالين وتخليصهما، وحينئذٍ نقول إذا فرض أنهما اتفقا على كيفية معينة للتخليص وفرز المالين فحيث إنَّ الحق لا يعدوهما فالأمر أمرهما، وأما إذا لم يتفقا على طريقةٍ معينةٍ فسوف ينتهي الأمر إلى الحاكم الشرعي فيلاحظ إذا كان الضرر الذي يحلق بالطرف الأول أكثر فيرتّب الأمر وقف هذا الشخص، وإذا كان الضرر يلحق بالطرف الثاني أكثر فيرتّب الأمر وفق ذاك الشخص، ولكن كما قلنا لابد من الضمان إلا إذا فرض أنهما يسقطان الضمان، فالحكام الشرعي يلاحظ ما هو المناسب ويسير على الأقل ضرراً ويأخذ به، وأما إذا تساوى الضرران فسوف تنتهي النوبة إلى القرعة.

ونبقى نؤكد على أنَّ هذه الحلول المذكورة جيدة ولكن يبقى النقص الذي يطرأ على مال الآخر لابد من ضمانه، ومن الذي يتحمل الخسارة في هذا المجال؟

والجواب: - هناك احتمالات: -

الاحتمال الأول: - أن يقال يتحملها من سلم ماله بالكامل لأنه هو الرابح والمستفيد.

ولكن ربما يعلق على هذا ويقال: - إنَّ الاثنين معاً مستفيدان لا خصوص من سلم ماله، بل الذي تضرر ماله أيضاً هو مستفيد، فصحيح أنَّ ماله قد تضرر ولكنه قد استفاد أيضاً لأنه خلّص ماله بالفرز، فلا تقل إنَّ الفائدة عادت كاملاً إلى من سلم ماله فهو الذي يتحمل كامل الخسار، بل كلاهما مستفيد، وعيله سوف سكون هذا الحل محل إشكال.

الاحتمال الثاني: - أن يتحمل كلاهما الخسارة بالتساوي إذا فرض تساوي درجة الضرر، وإذا كان هناك تفاوت فبحسب التفاوت، ومستند ذلك قاعدة العدل والانصاف فإنها تقتضي أنه إذا أصاب الضرر واحداً منهما فالذي سَلِم من الضرر هو الذي يتحمل الخسارة وأما إذا أصابهما الضرر معاً فتكون الخسارة بالنسبة، بإضافة رواية السكوني، وهي ما وراه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن إبراهيم بن هاشم عن الحسين بن يزيد النوفلي عن اسماعيل بن ابي زياد السكوني عن جعفر عن أبيه:- ( في رجل استودع رجلاً دينارين فاستودعه آخر ديناراً فضاع دينارٌ منهما، قال:- يعطى صاحب الدينارين ديناراً ويقسّم الآخر بينهما نصفين ) [1] ومحمد بن أحمد بن يحيى هو صاحب كتاب نوادر الحكمة وهو ثقة وطريق الشيخ إليه معتبر ثقة، وإبراهيم بن هاشم معتبر أيضاً، والنوفلي هو المعروف وكذلك السوني.

ولكن نقول: -

أما قاعدة العدل والانصاف: - فربما يقال إنه لا مستند لها، فلا يمكن الاعتماد عليها.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص452، أبواب الصلح، باب12، ح1، ط آل البيت.