42/11/10
الموضوع: - التنبيه التاسع ( تعارض الضررين بأنحائه الأخرى ) - تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.
وفي مقام التعليق نقول: - إنه لا معنى لإعطاء زمام الأمر بيد شخصٍ أجنبي لأنه متجاوز على حق الآخرين، وإنما ليكن الحل بيد المالكين، فيؤخذ رأيهما في اختيار شيء معين من كسر القدر أو كسر رأس الدابة، فإنَّ تصالحا على شيء فالأمر لهما أما الأجنبي فلا دخل له في هذا الأمر لأنه كان هو سبب الفساد، فالمناسب هو إعطاء يد المبادرة بيد المالكين فإن اتفقا على شيء فحينئذٍ يُنفَّذ ذلك الشيء ويصير المورد مورد المصالحة، وأما إذا لم يتفقا على شيءٍ فالمناسب في مثل هذه الحالة وصول النوبة إلى الحاكم الشرعي لحل هذه المشكلة، فإذا رأى الحكم الشرعي أنَّ ضرر صاحب القدر أقل من صاحب الدابة فيحكم بكسر القدر ويضمن ذلك الأجنبي مقدار النقص الذي طرأ على القدر، وإذا كان الضرر أقل على صاحب الدابة فينعكس الأمر وإذا تساويا أجرى الحاكم الشرعي القرعة بينهما.
وأما الحالة الثالثة: - وهو أن يحصل ذلك بسبب عامل طبيعي لا بعفل أحد المالكين ولا بعفل شخصٍ أجنبي، كما إذا أدخلت الدابة رأسها في القدر ولم يمكن اخراجه، فهنا ثلاث حالات الأولى أن لا يريد أحدهما تخليص القدر أو تخليص الدابة ورضوا بهذا فهنا لا مشكلة، والثانية أنَّ يريد أحدهما ذلك دون الآخر، كما لو لم يرض صاحب الدابة بذلك وأراد اخراج رأس دابته من القدر لكن صاحب القدر رضي ببقائه في القدر، فهنا تأتي النوبة إلى الحاكم الشرعي، وفي مثل هذه الحالة نقول لابد أن يحكم الحاكم الشرعي بلزوم إخراج رأس الدابة من القدر.
ولا يقولن قائل: - فليبق رأس الدابة في القدر.
ولكن نقول:- إنَّ نفس هذا التساؤل ونفس هذه المشكلة تأتي في مسألة الأملاك المشاعة كما لو فرض أنَّ والداً توفي وترك داراً لثلاثة اخوة فقال أحدهم نريد تقسيم الدار ولكن الأخوين الثاني والثالث لم يقبلا بالتقسيم وأرادا بقاء الدار على حالها، فهنا الموقف الشرعي هو لزوم الفرز، والدليل على ذلك هو أنَّ الأخ الذي يريد الفرز له حق ويريد أن يتصرف في حقه بحريته، فمن حقه العقلائي أن يطالب بالفرز، نعم إذا حصل نقصان على أحدهما فلابد من التصالح ولكن هذه قضية أخرى ولكن لابد من الفرز مع شيءٍ من التصالح والرضا، فإذاً المناسب ضرورة الفرز لقضاء السيرة العقلائية بذلك، وحيث لا ردع عنها فتكون ممضاة، ونفس هذا الكلام نسحبه إلى مقامنا، فصاحب القدر هو صاحب حقٍّ، وكذلك صاحب الدابة هو صاحب حقٍّ أيضاً، وإذا كان رأس الدابة في القدر لا يمكن أن يستفيد منها صاحبها، وعليه فلابد من حلّ هذه المشكلة، فكما قبلنا بهذا الحل في مسألة الأراضي المشاعة وذلك بالفرز كذلك الحال بالنسبة إلى مسألتنا، فإذاً عملية الفرز إذا أرادها أحدهما - وهو صاحب الدابة - فحينئذٍ نطبقها ونخرج رأس الدابة بشكلٍ وآخر مادام صاحب الدابّة راضٍ بذلك.