42/10/20
الموضوع: - التنبيه الثامن ( تعارض الضررين ) - تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.
التنبيه الثامن: - تعارض الضررين.
فما هو الموقف في مثل تعارض الضررين فهل يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر أو لا؟
ونذكر أمثلة لتعارض الضررين، كما لو كانت داري تحتاج إلى حفر بالوعة ولكن حفراً يضر الجار فهل يجوز لي حفرها أو لا فأني إذا لم أحفرها فسوف اتضرر وإذا حفرتها فسوف يتضرر الجار، أو كما لو أراد الانسان هدم داره وبناءها من جديد ولكن سوف يتضرر الجار بسبب ذلك فهل يجوز له فعل ذلك مع أو أنه لا يجوز رغم تضرر صاحب الدار، أو كما لو كانت الكهرباء ضعيفة وكثيرة الانقطاع ولا توجد مولدة كهرباء في المنطقة فاضطر الشخص إلى شراء مولدة كهرباء منزلية ولكن هذه المولدة سوف تضر الجار بسبب ارتفاع صوتها وكثرة دخانها فهل يجوز له ذلك ... وما شاكل من الأمثلة.
والسؤال: - هل يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر في صالح هذا الفعل أو أنه عير ممكن؟
وفي الجواب نقول: - هنا أربع حالات: -
الحالة الأولى: - ما أشرنا إليه فيما تقدم، يعني إذا فرض أنَّ الشخص حفر البالوعة بهدف دفع الضرر عن نفسه وليس بهدف تضرر الجار.
الحالة الثانية: - أن نفترض أنه لا يلزم الضرر من عدم حفر البالوعة لصاحب الدار بل غاية ما يلزم هو أنَّ الانتفاعات الموجودة في حفر البالوعة سوف تفوت عليه.
الحالة الثالثة: - أن لا يتضرر صاحب الدار من عدم حفر البالوعة ولا ينتفع من حفرها وإنما من باب الميل النفسي لأنَّ كل الناس أصبحوا لا يرمون المياه المستعملة في الزقاق.
الحالة الرابعة: - أن نفترض أنَّه يحفر البالوعة لا لدفع الضرر عن نفسه ولكنه يفعل ذلك بداعي الإضرار بالجار.
أما الحالة الرابعة: - فغير جائزة جزماً، وذلك: -
أولاً: - إنه قاعدة لا ضرر تردع عنها، لأنَّ هذا الفعل فيه إضرار للجار فلا يجوز حينئذٍ.
ثانياً: - إنه يأتي دليل آخر ينهى عنها وهو قوله عليه السلام ( إنك رجل مضار ) يعني تريد أن تضر الغير، والنبي صلى الله عليه وآله ذكر الصغرى وحذف الكبرى لوضوحها والصغرى هي أنَّ الاضرار لا يجوز.
ثالثاً: - إنه يوجد دليل ثالث على عدم الجواز في هذه الحالة وهو روح الشريعة أو ما نعرفه عن الشريعة فإنَّ شريعة الاسلام لم تأتِ للإضرار لا بالإنسان نفسه ولا بالآخرين، فإذا كان يجوز حفر البالوعة بقصد الاضرار بالجار فهذا معناه أنَّ الاسلام يجوّز الاضرار بالآخرين، ولا يحتمل في الاسلام ذلك، فإذاً نحن نجرم بعدم الحكم بجواز حفر بالبالوعة بقصد إضرار الغير، وبالتالي ترجع الدليلة إلى الجزم أما التنافي مع تعاليم الاسلام وروحه يصير مقدّمةً موصلةً إلى الحزم واليقين.
وأما الحالة الثالثة: - فيمكن أن يقال بعدم جوازها لأنَّ هذا الفعل فيه ضرر على الجار فيشمله لا ضرر كما يشمله ( إنك رجل مضار )، كما يشمله المنافاة مع روح الاسلام وتعاليمه.
وإنما الكلام في الحالتان الأولى والثانية.