الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/10/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه السابع ( لماذا يقدم حديث لا ضرر على أدلة الأحكام الأولية ) - تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.

وفي مقام العليق على ما ذكره نقول: - إنَّ الشيخ النائيني(قده) قال إذا قدّمنا أدلة الأحكام الأوّلية على لا ضرر يلزم لغوية تشريع لا ضرر والترجيح من دون مرجّح باطل، ولكن على ما أفاده السيد الخوئي(قده) في مناقشة أستاذه سوف نعود إلى نفس المحذور، يعني سوف يلزم لغوية تشريع لا ضرر، نعم هو فرَّ من محذور الترجيح من دون مرجّح ولكنه وقع في محذور لغوية تشريع لا ضرر، فإذاً محذور لغوية التشريع لازم حتى على ما أفاده السيد الخوئي(قده)، فما ذكره لا يصلح أن ردّاً على الشيخ النائيني(قده).

ثم إنه يمكن أن يصاغ ما أفاده الشيخ النائيني(قده) بروح أخرى وبيان آخر ويكون وجهاً لتقدّم لا ضرر على أدلة الأحكام الأوّلية وذلك بأن يقال: - إنَّ لا ضرر تدل بمقتضى ظاهرها الإطلاقي على أنَّ كل حكمٍ ضرري في شريعة الإسلام مرفوعٌ - وهذا المقدار مسلّم ومقبول - ولكنها نصٌّ في رفع بعض الأحكام الأوّلية في الجملة في حالة الضرر، نعم رفعها لجميع الأحكام الأوّلية يحتاج إلى التمسك بإطلاقها، أما رفعها في الجملة لحكمٍ واحدٍ أو لحكمين فهي نص ٌّفيه، نعم رفعها لكل الأحكام الأولية هو بالظهور وليس بالنصّية - وهذا المقدار مقبول -، ثم نذهب إلى أدلة الأحكام الأوّلية ونقول إنَّ أدلة الأحكام الأوّلية قد اتضح أنَّ بعضها في حالة الضرر من دون تعيين قد ارتفع بقاعدة لا ضرر فإنَّ لا ضرر نَصٌّ فيه وليس ظهوراً، فواحد من الأحكام الأوّلية قد ارتفع ولكن لا يمكننا تعيين ذلك الحكم الواحد إذ لا توجد وسيلة لتعيينه، فيحصل تعارض بين أدلة الأحكام الأوّلية إذ كلّ واحد منها يحتمل كونه هو المرفوع، فإذا حصل تعارض فيما بينها تبقى قاعدة لا ضرر نصّاً في تقديم واحدٍ من الأحكام الأوّلية على الأقل بعد نصوصيتها وسقوط ذلك المعارض بسبب التعارض الداخلي، وحينئذٍ تبقى قاعدة لا ضرر من دون معارض ويمكن أن نجعلها حاكمة على كلّ واحدٍ من تلك الأحكام الأوّلية ومقدّمة عليه، لأنَّ حجيتها من باب النصّ أما أدلة الأحكام الأوّلية فظهوراتها قد سقطت بالمعارضة، لأننا نعلم أنَّ واحداً من تلك الظهورات قد سقط جزماً بنصّية لا ضرر، وعلى هذا الأساس تتقدم لا ضرر على كل دليل من أدلة الأحكام الأوّلية من دون مانع، وبهذا وصلنا إلى المقصود من طريق سهل وبالتالي ترجيح لا ضرر صار مع المرجِّح، وأما أدلة الأحكام الأوّلية فقد سقطت بسبب المعارضة الداخلية، وبالتالي وصلنا إلى النتيجة المطلوبة وهي أنَّ لا ضرر يعمل بها في كل حكمٍ ضرري وتكون هي المقدَّمة، أما ظهور دليل الحكم الأوّلي فهو ساقط عن الحجية للمعارضة بينه وبين غيره من أدلة الأحكام الأوّلية الأخرى، فلا يعارض لا ضرر، فتبقى لا ضرر حاكمة على أدلة الأحكام الأولية.