42/08/22
الموضوع: - التنبيه السادس ( هل يختص حديث لا ضرر برفع الضرر المعلوم أو الأعم )- تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.
وفي مقام التعليق نقول: -أولاً: - إنه في هذا البيان ذكر أنَّ منشأ خيار الغبن والضرر هو تخلف الشرط الضمني لأنه يوجد شرط ضمني على عدم التفاوت الفاحش وتبيّن وجود تفاوت فاحش فيحصل حينئذٍ الضرر وهذا تام في حالة الجهل أما في حالة العلم فهو ليس بتام لأن الشخص هو أقدم على الضرر، ونحن نقول إنَّ هذا البيان موقوف على أنَّ منشأ الخيار هو الشرط الضمني، والحال أنَّ المعاملة مادامت تشتمل على الغبن ولا يعلم به الطرفان فهذا هو منشأ الضرر من دون الحاجة إلى فكرة الشرط الضمني، فإنَّ نفس لزوم العاملة الغبنية هو ضرر بقطع النظر عن مسألة الشرط الضمني، فسواء كان الشرط الضمني موجود أو لا فإنَّ نفس لزوم المعاملة الغبنية هو ضرر، وضم فكرة الشرط الضمني إلى ما ذكرناه من دون فائدة، وإذا كان منشأ الضرر نفس لزوم المعاملة الغبنية قبل أن يصل الأمر إلى الشرط الضمني فسوف ينهدم بذلك جميع بناء الشيخ النائيني في هذا الوجه لأن الوجه الذي ذكره مبني على أن منشأ الخيار هو الشرط الضمني على اعتبار التساوي ومع علمهما لا يوجد شرط ضمني، ولكن نحن قلنا إن فكرة الشرط الضمني شيء زائد لا فائدة فيه وإنما نفس لزوم المعاملة الغبنية هو ضرري فلا معنى لأن يقول ( إنه مع علم المتبايعين بالغبن والتفاوت الفاحش في القيمة فلا شرط ضمني ) فإنَّ هذا كله سوف يزول، فعليك أن لا تدخل مسألة الشرط الضمني في المسألة بل لابد أن تنظر إلى نفس المعاملة الغبنية فنقول إنَّ نفس لزومها ضرري، فإذا كان يثبت الخيار فهو يثبت لأجل أنَّ لزوم المعاملة الغبنية ضرري، فتمام النكتة هو هذا لا مسألة الشرط الضمني.
وحينئذٍ قل إنه مع علمهما بالغبن يكون منهما إقدام على المعاملة الغبنية فالضرر جاء من إقدامهما وحديث لا ضرر يرفع الضرر من الجنبة الشرعية ولا يرفع الضرر من جنبة إقدام الشخص نفسه، فالجواب الفني لابد أن يكون هكذا لا ما ذكره.
ثانياً: - إنه بغض النظر عن مناقشتنا الأولى نقول سلّمنا إنَّ منشأ الضرر هو أنهما قد اشترطا التساوي في مالية العوضين وعدم التفاوت الفاحش ولكن نقول إنَّ قاعدة ( لا ضرر ) لا دور لها هنا، لأنَّ المنشأ في خيار الغبن سوف يصير هو الاشتراط الضمني ولا نحتاج إلى قاعدة لا ضرر، وضمّها إلى الاشتراط الضمني لا فائدة فيه، والحال نحن مشكلتنا كانت في لا ضرر، فقد كنّا نقول ( إنه في باب الجنابة لم تكن قاعدة لا ضرر تقتضي الغسل لأنَّ الغسل يضر المكلف فتنطبق عليه قاعدة لا ضرر ويكفيه التيمم بينما في خيار الغبن كيف الذي يعلم بالغبن نقول له ليس لك الخيار )، فأنت حينما تريد التعامل مع هذا الموضوع فلابد أن تتعامل مع قاعدة ( لا ضرر )، أما إذا أدخلت فكرة الشرط الضمني فقد استغنيت عن قاعدة لا ضرر وسوف ترتفع أرضية الاشكال من الأساس، فنحن كلامنا هو أنَّ لا ضرر التي تأتي في كلا الموردين لماذا أنتجت نتيجةً في باب الوضوء والغسل مغايرةٍ لنتيجتها في باب الغبن؟، بينما بناءً على ما ذ كرت فإنه في مورد الغبن قاعدة لا ضرر ليست مورداً في الغبن أصلاً، وحينئذٍ الاشكال الذي أوردناه من البداية سوف يرتفع لأنَّه كان مبنياً على أنَّ لا ضرر هي المستند في كلا الموردين، لا أنك تفترض لنا شيئاً آخر في مورد الغبن غير قاعدة لا ضرر، فإنه بهذا وسوف خرجنا عن محل الكلام وهربنا من الاشكال لا أننا دفعناه، بل عليك أن تسلّم بأنَّ المنشأ والدليل هو قاعدة لا ضرر ثم تدفع الاشكال، لا أنك تأتي بمستندٍ ثانٍ فإنَّ هذا ليس دفعاً للإشكال وإنما هو هروب منه.
الجواب الثالث: - ما ذكره الشيخ العراقي(قده) [1] نقلاً عن استاذه الخراساني(قده) وحاصله أنَّ لا ضرر مشروط بعدم الإقدام - لأنَّ الضرر إذا كان بسب إقدام المكلف على الضرر فهذا الضرر قد نشأ من المكلف ولم ينشأ من الشرع المقدس ولا ضرر هي ناظرة إلى دفع الضر الناشئ نم الشرع لا الناشئ من نفس المكلف - وإذا المكلف يعلم أنَّ هذه المعاملة غبنية فقد نشأ الضرر من إقدامه، ومادام قد نشأ الضرر من إقدامه فحينئذٍ لا يمكن أن تشمل لا ضرر هذا المورد، وأما إذا فرض أنَّه لا يعلم بالغبن فحينئذٍ سوف تصير المعاملة الغبنية، أما إذا كان يعلم بالغبن فالضرر قد نشأ منه وبالتالي يكون هو قد أقدم على الضرر بعد العلم بأنها غبنية فلا يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر، وهذا بخلافة في مسألة الجنابة فإنَّ المكلف لم يُقدِم على الأمر الضرري الذي هو الغسل وإنما أقدم على الجنابة فتشمله قاعدة لا ضرر.