الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/08/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه السادس ( هل يختص حديث لا ضرر برفع الضرر المعلوم أو الأعم )- تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.

الاحتمال الثاني: - وهو أن يقال إنَّ المتعاملين قد أنشئا النقل الغبني وأنشئا لزومه بالبيان المتقدّم من أنَّ كل طرف حينما ينشئ النقل فهو لا ينشئه في الدقيقة الأولى أو بإضافة الدقيقة الثالثة بل ينشئ النقل إلى الأبد، فإذاً هو يعلم بكون المعاملة غبنة ومع ذلك أقدم فلا يشمله حديث لا ضرر فلا يثبت له الخيار.

وإذا كان مقصوده هو هذا الاحتمال فهو وجيه، ويكون ما أفاده من التفرقة تاماً، ولكن هذا الاحتمال لا تساعد عليه عبارة التقرير.

الجواب الثاني: - وحاصله أنه هناك فرق بين المعاملة الغبنية وبين الجنابة، ففي مسألة الغبن المتعاقدان ينشئان نقل العوضين بما لهما من مالية، فإذا كانا يتصوّران المالية متساوية وكانت متساوية واقعاً فلا خيار، ولكن توجد حالة ثانية وهي أنهما يتصوّران التعادل بين قيمة الثمن والمثمن وكان المشتري يتصور ان هذا المبيع يسوى هذا الثمن ولكن بعد ذلك اتضح أنَّ المبيع لا يسوى هذه القيمة كما لو كان المبيع داراً وتصور أنها تسوى مائة مليون ولكن اتضح بعد ذلك أنها سوف تنهار ولا تسوى هذه القيمة فهنا يكون المشتري مغبوناً وهو لم يقدم على الغبن فله الخيار، أما لو كان المشتري يعلم بكونه مغبوناً كما وكان يعلم بحال الدار ولكنه رغم ذلك أقدم على شرائها فهنا لا يثبت خيار الغبن بقاعدة لا ضرر، لأنَّ المشتري يعلم بأنَّ الثمن لا يساوي الدار، فهنا هو قد أقدم على الغبن، ففي مثل هذه الحالة لا يثبت له الخيار بعد فرض العلم بعدم تساوي قيمة الثمن مع المثمن ولا تأتي قاعدة لا ضرر لأنه أقدم على الضرر، فلا يقال إنَّ الضرر ليس في أصل المعاملة وإنما هو في اللزوم، وإنما لا يثبت له الخيار لأنه أقدم على الضرر، والضرر هنا في أصل المعاملة، وخيار الغبن قد ثبت في المعاملات لأجل عدم العلم بالضرر أما إذا علم الطرف أن هذه المقابلة ضررية فحينئذٍ لا يثبت الخيار.

وهذا بخلافه في مسألة الجنابة، فإنَّ الضرر واقعي، لأنَّ المكلف المقدِم على الجنابة مريض وإذا اغتسل بالماء فسوف يتضرر فكيف لا يشمله حديث لا ضرر؟!! فلا معنى لأن تقول إنه بإقدامه على الجنابة قد أقدم على الضرر، وإنما نقول إنَّ الضرر في الغسل وليس في الإقدام على الجنابة فإذا أراد الشارع المقدّس أن يقول له اغتسل فسوف يصير الضرر من جهة الحكم الشرعي، وفي مثل هذه الحالة لا يمكن تطبيق حديث لا ضرر، لأنَّ الضرر حقيقي واقعي، وهذا بخلافه في مسألة شراء الدار التي يعلم بكونها لا تسوى الثمن، فهنا المشتري قد أقدم على هذه المعاملة الضررية فلا يشمله حديث لا ضرر.

فإذاً الفرق الحقيقي بين الموردين موجود.