الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه السادس ( هل يختص حديث لا ضرر برفع الضرر المعلوم أو الأعم )- تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.

ذكرنا فيما سبق أنَّ هناك إشكالاً وهو أنَّ حديث لا ضرر لا يشمل العالم بالضرر لأنه يصدق عليه أنه مقدم على الضرر وحديث لا ضرر لا يشمل المقُدِم على الضرر وقد أجبنا عنه بعدة أجوبة قد تقدمت.

وأجاب الشيخ النائيني(قده) عن الاشكال[1] بجوابين: -

الجواب الأول: - قال ما نصه:- ( فإقدام المتضرر في باب التكاليف لا يكون موجباً لعدم جريان أدلة نفي الضرر بالنسبة إليه لاستناد الضرر فيها ولو مع الإقدام إلى نفس الحكم ... نعم إنما يؤثر الإقدام في عدم شمول لا ضرر في المسألة الأخرى وهي المعاملة الغبنية حيث إن المغبون إذا كان حين صدور عقد المعاوضة عالماً بالغبن يكون الضرر مستنداً إلى إقدامه وكان حكم الشارع باللزوم من المقدمات الإعدادية للضرر )[2] ، وكلامه هذا فيه احتمالان.

الاحتمال الأول: - إنه في باب الجنابة الشخص المريض هو قد أقدم على الجنابة ولم يقدم على الغسل الذي يضره، فإذا لم يقدم على الغسل فدليل وجوب الغسل على الجنب لا يشمله لأنه ضرري، وهذا بخلافه في باب الغبن فإنَّ الشرع قد حكم بصحة المعاملة الغبنية أو بلزومها والمفروض أن الشخص يعلم أنَّ هذه المعاملة غبنية ومع ذلك أقدم عليها فلا يشمله حديث لا ضرر فلا يثبت له الخيار.

ولكن الاشكال عليه واضح فإنه يقال: - إنه في كلا الموردين تكون إرادة المكلف مقهورة للحكم الشرعي، ففي باب الوضوء والغسل إذا أراد المكلف الوضوء والغسل فذلك بسبب إلزام الشارع له بذلك، وحيث أنَّ إلزامه ضرري فيرتفع الإلزام ولا يجري لا ضرر وحينئذٍ يثبت التيمم، ونفس الكلام يأتي أيضاً في باب المعاملة الغبنية، فإنه يقال إنَّ إرادة المكلف هنا أيضاً مقهورة بإرادة الشارع، فالمكلف لم يقدِم على أن يكون متضرراً ففي مثل هذه الحالة يكون هذا كذاك ولا فارق بينهما، وإذا كان هناك لزوم أو صحة للمعاملة الغبنية فهي ناشئة من حكم الشارع وحيث إنه ضرري فيلزم أن يرتفع، ولا تقل هو قد أقدم على الضرر ولكن نقول هو قد أقدم على أصل المعاملة ولم يقدم على أن يكون مغبوناً ولا خيار له.

فإذاً كلا البابين هما من وادٍ واحدٍ ولا مجال للتفرقة بينهما.


[1] غير ما ذكرناه من الجوابين المتقدمين.
[2] منية الطالب، النائيني، ج3، ص413.