42/08/17
الموضوع: - التنبيه السادس ( هل يختص حديث لا ضرر برفع الضرر المعلوم أو الأعم )- تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.
وقال السيد الخوئي(قده)[1] : - صحيح أنَّ من علم بكون الوضوء يضره وتوضأ فالمناسب بطلان وضوءه لأنَّ حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) لا يشمله وتكون وظيفته هي التيمم، ولكن نستثني من ذلك خصوص الوضوء، فإنَّ المكلف إذا توضأ وهو يعلم أنه يضّره ففي مثل هذه الحالة يمكن الحكم بصحة وضوئه وإن كانت القاعدة تقتضي بطلان وضوئه، لأنه حينما توضأ والمفروض أنَّه يعلم بكون الوضوء يضره ففي مثل هذه الحالة لا تشمله قاعدة لا ضرر، وحينئذٍ لا يمكن الحكم بصحة وضوئه لأنَّ الوضوء ضرري والوضوء الضرري لا يشمله حديث ( لا ضرر ) فيقع باطلاً، ولكن يمكن الحكم بصحته رغم أنه يضرّه، والوجه في ذلك هو أن الوضوء مستحب بالاستحباب النفسي وقاعدة لا ضرر تف الوجوب الشرعي لأنَّ الوجوب الشرعي هو المنشأ للضرر فيرتفع بقاعدة لا ضرر أما الاستحباب النفسي فهو موجود فيقع الوضوء صحيحاً بسبب الاستحباب النفسي.
ولكن الاشكال: - هو أنَّه يمكن أن نقول إنَّ الاستحباب النفسي للوضوء ليس ثابتاً في جميع الحالات وإنما هو ثابت في مساحة معينة لا تشمل موردنا، فالاستحباب النفسي قد ثبت في موردين أحدهما الوضوء التجديدي وذلك ما إذا كان المكلف متوضئاً منذ الصباح ثم حلت صلاة الظهر فهنا يستحب أن يتوضأ من جديد وهذا يسمى تجديد الطهارة على الطهارة فهنا دلت بعض الروايات على استحباب ذلك، والثاني هو الحائض، فإنَّ الحائض مرفوعة عنها الصلاة ولكن يستحب لها في أوقات الصلاة أن تتوضأ وتجلس في محراب عبادتها وتذكر الله عزَّ وجل بمقدار الصلاة وقد دلت على ذلك الرواية، ففي هذين الموردين ثبت الاستحباب النفسي أما في المساحة الواسعة فلم يثبت ذلك، أما المورد الأول من هذين الموردين فقد دلت عليه رواية المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( من جدّد وضوءه لغير حدث جدد الله توبته من غير استغفار )[2] ، وفي رواية أخرى ( الضوء على الوضوء نور على نور )[3] ، وفي الحديث أيضاً ( كان النبي صلى الله عليه وآله يجدد الوضوء لكل فريضة وكل صلاة )[4] ، فإذاً الوضوء التجديدي فيه حثّ واستحباب نفسي، كما توجد رواية في الحائض، وهي صحيحة حيز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام:- ( إذا كانت المرأة طامثاً فلا تحل لها الصلاة وعليها أن تتوضأ وضوء الصلاة عند وقت كل صلاة ثم تقعد في موضع طاهر فتذكر الله عزَّ وجل وتسبحه وتهلّله وتحمده كمقدار صلاتها ثم تفرغ لحاجتها )[5] .
وقد يشكل على ما ذكره السيد الخوئي(قده) بأن يقال: - إنه حتى لو سلّمنا أنَّ الاستحباب موجود في المساحة الوسيعة ولكن المكلف لم ينوِ الاستحباب النفسي وإنما نوى وضوءه الواجب، فما ذكره السيد الخوئي(قده) من محاولة ليست نافعة.
والجواب واضح حيث نقول: - إنَّ هذا يكون من مورد الاشتباه في التطبيق، يعني أنَّ المكلف المؤمن هو ناوٍ لامتثال الأمر الإلهي ولكن اشتباهاً تصوَّر أنه يوجد وجوب للوضوء، فإذا كان ناوياً لامتثال الأمر الإلهي فينطبق هذا على الاستحباب النفسي، فيقع الوضوء صحيحاً بالاستحباب النفسي لو كان ثابتاً، ولكن قلنا إنَّ الاستحباب النفسي ليس بثابتٍ في المساحة الوسيعة وإنما هو ثابت في موردين، فإذاً هذا الكلام لا ينفع السيد الخوئي(قده) في جميع الموارد.