الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/08/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه السادس ( هل حديث لا ضرر يختص برفع الضرر المعلوم أو الأعم )- تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.

كان الكلام في أنه ما هو دليل خيار الغبن وقد قلنا لا توجد عندنا روايات معتبرة تدل على ذلك والدليل المهم هو حديث لا ضرر، والقدر المتيقن من تطبيق لا ضرر إذا كان الشخص جاهلا بالضرر وبكونه مغبوناً، وكلامنا هو أنه إذا كان الشخص عالما بالغبن ومع ذلك أقدم على المعاملة هل يبث له خيار الغبن بحديث لا ضرر؟ فهنا محل الكلام، بادئ ذي بدء قد يقال إذا كان عالماً بالغبن ومع ذلك أقدم عليه لا يشمله حديث لا ضرر وذلك لصغرى وكبرى، حيث نقول مادام المشتري عالماً بالغبن فهو قد أقدم على الضرر ولا ضرر لا تشمل المقدم على الضرر.

وقد نوقشت الصغرى الكبرى معاً: -

أما الصغرى: - فقد قيل إن الضرر ليس في صحة المعاملة بل في لزومها فأنا المشتري العالم بالغبن حينما أقدمت على المعاملة الصحيحة مجرد الإقدام على المعاملة الصحيحة لا يعني الإقدام على الضرر، إذ الضرر ليس في صحة المعاملة بل لزومها، هكذا يقال.

وفي المقابل يوجد جوابان على هذا: -

الجواب الأول: - ما أشرنا إليه سابقاً وهو للشيخ الأصفهاني والحاج ميرزا علي الايرواني، حيث قالا إنَّ صحة المعاملة الغبنية هو ضرر أيضاً ولا يتوقف الضرر على لزومها.

الجواب الثاني: - وهو الأولى وهو أن الشخص العالم بكون هذه المعاملة غبنية هو قد أنشأ الزوم أيضاً لا أنه أنشأ أصل النقل فقط بل أنشأ النقل اللازم والنقل اللازم فهي ضرر، فاندفع الاشكال، ببيان أنَّ فالمكلف حينما يقدم على معاملة كما لو باع داره فهو لا ينشئ النقل المؤقت وإنما ينشئ النقل إلى الأبد والنقل إلى الأبد معناه اللزوم، ومقصودي من أنه أنشا اللزوم ليس أنه أنشأ مصطلح اللزوم وإنما هو لم ينشئا النقل المؤقت بل أنشئا النقل المتمر غير المؤقت والنقل المستر إلى الد فيه ضرر باتفاق الجميع، وإنما الخلاف هو في أنَّ أصل الصحة فيها ضرر أو لا فصاحب الاشكال كان يقول لا يوجد فضرر أما الحاج ميرزا علي الايرواني والأصفهاني قالا بل يوجد ضرر في أصل النقل، ولكن قلا إن هذا كلام غريب، والمناسب أن نقول إنهما اقدما على إناء المعاملة اللازمة فتكون ضررية لأنهما لم ينشئا النقل المؤقت وإنما أنشئا النقل إلى الأبد وهذا عبارة أخرى عن القل اللزوم لا المحدد بفترة، فإنشاء واقع النقل اللازم موجود، فإذاً المتبايعان أقدما على المعاملة الضررية، فإذا الصغرى تامة.

أما الكبرى - وهي أنَّ حديث لا ضرر لا يشمل المعاملة التي أُقدِم فيها على الضرر -:- فقد قيل فيما سبق إنَّ حديث لا ضرر لا مانع أن يشمل المعاملة اللازمة التي يكون فيها النقل مستمراً، بل بإطلاقها تشمل هذه الحالة، لأنَّ حديث لا ضرر وارد مورد التخفيف على المؤمنين وهذا نحو تخفيف، يعني نقول إنَّ الحديث بإطلاقه يبقى شاملاً لمورد الإقدام على الضرر، إذ قد يندم المقدِم على الضرر فيما بعد، فمن باب التخفيف يكون حديث لا ضرر شاملاً له،

ولكن نذكر الآن ردين عليه فنقول: -

أولاً: - صحيح أنَّ حديث لا ضرر هو للتخفيف ولكن التخفيف من الزاوية الشرعية، فمن جهة الشرع يراد التخفيف لا من جهة أخرى، وهنا المكلف باختياره هو أقدم على الضر، فالثقل نشأ من المكلف لا من الشرع.

ثانياً:- إنك قلت لعلَّ المقدِم على الغبن يندم فيما بعد فيكون شمول الحديث له والتخفيف عليه واقعاً في موقعه المناسب، ونحن نعلّق ونقول:- صحيح إنَّ المقدِم قد يندم بعد ذلك ولكن حديث لا ضرر وارد للتخفيف ولكن التخفيف والامتنان العقلائي لا الخارج عن الدائرة العقلائية، وإذا رجعنا إلى الدائرة العقلائية فالذي يستحق التخفيف ليس هو المتعمّد للضرر فإنه هو الذي أقدم على المعاملة الغبنية، فهذا لا يليق عقلائياً أن يخفف أو يمتن عليه، فنحن نسلّم أنَّ حديث لا ضرر وارد للتخفيف أو للامتنان ولكن التخفيف والامتنان هو في المساحة العقلائية، ولكن إذا طبقنا الحديث على هذا الشخص الذي أقدم بنفسه على العاملة الغبنية فهو ليس تخفيفاً في الدائرة العقلائية، بل الدائرة العقلائية تقول إنَّ حديث لا ضرر لا يشمله، فإذاً المنظور في حديث لا ضرر هو التخفيف العقلائي وفي المساحة العقلائية لا فيما زاد على ذلك، فإنَّه لا يستفاد منه أكثر من هذا، وعليه فحديث لا ضرر لا يشمله.

وبهذا اتضح أنَّ الصغرى والكبرى تامتان وما ذكر من مناقشات عليهما غير واردة.