42/08/09
الموضوع: - التنبيه السادس ( هل حديث لا ضرر يختص برفع الضرر المعلوم أو الأعم )- تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.
جواب السؤال الأول: - أن يقال إنَّ نفس نفي الضرر هو يعطي ويستبطن نكتة الامتنانية لخصوصية فيه، فإذا قال قائل ( لا أريد لك الضرر أيها المؤمن )، فنفس ( لا أريد لك الضرر ) فيها دلالة على الامتنان يعني أريد أن أمتن عليك بأن لا يصيبك ضرر، فنفس نفي الضرر يعطي معنى الامتنان ولا نحتاج إلى قرينة والعرب ببابك، فمثلاً إذا قال الأب لابنه ( لا أريد لك الضرر ) يفهم منه الامتنان ولا أحد يشك في ذلك، فإذاً الامتنان نستفيده عرفاً من نفس نفي الضرر.
وتوجد مناقشتان لما ذكرناه: -المناقشة الأولى: - نسلَّم أنَّ الشخص إذا قال لآخر ( لا أريد لك الضرر ) فهذا ناشئ من الامتنان والحبّ والمودة والتخفيف ولكن لابد من التفرقة بين مطلبين، بين كون المنشأ لنفي الضرر هو الامتنان وبين كون الحديث مسوقاً للامتنان ويريد أن يقول فقط وفقط في مورد الامتنان يكون رفع الضرر ثابتاً، وفرقٌ بين المطلبين، فنحن نسلّم أنَّ لا ضرر هو ناشئ من نكتة الامتنان أما أنَّ الحديث قد سيق مساق الامتنان بحيث يتقيد نفي الضرر بحالة الامتنان فهذا لا نسلّمه فإنَّ هذا شيء وذاك شيء آخر، فكون نفي الضرر قد نشأ من الحبّ والتخفيف والامتنان هو شيء أما أنَّ الحديث سيق للامتنان بحيث يتقيّد النفي بحالات الامتنان لا أكثر فهذا لا نسلّمه، بل لعله أوسع من ذلك فهو يريد أن ينفي الضرر مطلقاً، فإنه إذا لم يسقه مساق الامتنان فسوف ينفي الضرر مطلقاً، والمهم أننا نثبت أنَّ الحديث سيق مساق الامتنان لا أنَّ نفي الضرر ناشئ من الامتنان لأنَّ هذا وحده لا يكفي، وهذه نكتة ظريفة يلزم الالتفات إليها.
المناقشة الثانية: - أن نقول إنَّ الامتنانية وإن كانت هي المنشأ لنفي للضرر ولكن بنحو الحكمة وليس بنحو العلَّة، وبناءً عليه لا يلزم أن نتقيّد بأن نلاحظ المورد هل يلزم الامتنان فيه من تطبيق لا ضرر أو لا يلزم إذ الفرض أنَّ الامتنان حكمة لا علَّه والحكمة لا يدور الحكم مدارها، فنفي الضرر لا يدور مدار الامتنان لأنَّ الامتنان حكمة.
جواب السؤال الثاني: - أن يقال إنَّ الشخص إذا كان عالماً بالضرر فذلك معناه أنّه هو قد أقدم على الضرر وأراده ومع إرادته للضرر لا يشمله حديث لا ضرر لأنَّ لا ضرر سيق مساق الامتنان ومادام هو قد أقدم على الضرر فلا يشمله حديث لا ضرر لأنه قد سيق مساق الامتنان والمناسب للامتنان أن نحقق ما أراده وهو قد أرد الضرر لنفسه فحينئذٍ لا يشمله حديث نفي الضرر لأنه مسوق للامتنان وحيث إنه هو أراد الضرر بنفسه فالحديث لا يشمله، فيراد الوصول إلى هذه النتيجة، هكذا ينبغي أن يوجه شمول الحديث لموارد العلم بالضرر.
وهذا البيان أولى مما يقال بإنَّ الشخص إذا أقدم على الضرر فليس من المناسب عقلائياً رفع الضرر عنه، ووجه الأولوية لما ذكرناه هو أنَّ الشخص إذا أقدم بنفسه على الضرر فالعقلاء لا يقولون ليس من المناسب رفع الضرر، وإنما يقولون لا يجب رفع الضرر عنه، لا أنَّ قاعدة لا ضرر لا تشمله، بل الرحمة والجود الإلهي يصير سبباً لشمول لا ضرر حتى لمن أقدم على الضرر، فلذلك يكون ما ذكرناه أولى مما ذكر هنا.
ولنا جوابٍ آخر ليس عن هذه الشبهة وإنما هو جواب عن أصل المطلب – وهو أن المقدم على الضرر لا تشمله قاعدة لا ضرر بناءً على أنها سيقت للامتنان - وذلك بأن يقال: - إذا المكلف هو أراد الضرر فالضرر سوف ينتسب إليه، وحديث لا ضرر ينفي الضرر من الجنبة الشرعية لا أنه ينفيه من جنبة الانسان نفسه.