42/08/08
الموضوع: - التنبيه السادس ( هل حديث لا ضرر يختص برفع الضرر المعلوم أو الأعم )- تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.
التنبيه السادس: - هل حديث لا ضرر يختص برفع الضرر المعلوم أو الأعم؟
هناك احتمالات ثلاثة: -الاحتمال الأول: - أن يكون المدار على الضرر المعلوم، فالضرر المعلوم يرفعه الحديث.
الاحتمال الثاني: - أن يكون المدار على الضرر المجهول دون المعلوم، فحديث لا ضرر يرفع الضرر المجهول دون المعلوم، فيختص لا ضرر بالضرر الجهول فيرفعه.
الاحتمال الثالث: - أن يكون المدار على الضرر الواقعي، فلا ضرر يرفع الضرر الواقعي أعم من الضرر المعلوم والمجهول.
والمنشأ لطرح هذه الاحتمالات هو أننا نجد بعض كلمات الفقهاء تخصّص في بعض الموارد بكون المدار على الضرر المعلوم، وفي بعض الموارد الأخر تخصّص بكون المدار على الضرر المجهول، وفي بعض الموارد الأخرى تخصّص بكون المدار على الأعم، فلأجل اختلاف كلماتهم فيما توحي به طرحنا هذا التنبيه، ومن أمثلة كلماتهم ما ورد في باب الوضوء حيث قالوا إذا كان الوضوء يضرّ المكلف وكان المكلف يعلم بأنه يضره فلا يجب عليه الوضوء ويقع وضوؤه باطلاً لو أوقعه، ولكن إذا ذهبنا إلى باب الغبن نجدهم يقلون إنَّ للمغبون الخيار إذا كان جاهلاً بالغبن لقاعدة لا ضرر، فقيدوا بالجهل في الغبن، قال الشيخ الأعظم(قده):- ( يشترط في هذا الخيار أمران الأول عدم علم المغبون بالقيمة فلو علم بالقيمة فلا خيار بل لا غبن كما عرفت بلا خلاف ولا إشكال لأنه أقدم على الضرر )[1] ، وفي موردٍ ثالثٍ تراهم يطلقون كما هو الحال في مورد كلامنا، كما لو فرض أنه أراد شخص أن يحفر بالوعة في داره وكانت تضرّ جاره ففي مثل هذه الحالة ذكر الفقهاء أنه إذا تضرر الجار فلا يجوز حفر البالوعة ولم يقيدوا بعلم الجار بأنه سوف يتضرر أو لا وإنما حكموا بذلك مطلقاً وهذا معناه أنَّ المدار على الضرر الواقعي دون الضرر المعلوم أو الضرر المجهول، وهكذا الحال في مسألة سمرة بن جندب حينما كان يدخل في دار الأنصاري، فهناك قيل بأنه لا يجوز له الدخول من دون إذنٍ لقاعدة لا ضرر ولم يقيدوا بالعلم بتضرر الأنصاري أو عدم علم الأنصاري بالتضرر وإنما حكموا بوجوب الاستئذان مطلقاً لقاعدة لا ضرر سواء، فهذا يوحي بأنَّ المدار على الضرر الواقعي.
فإذاً الاحتمالات في هذا المجال ثلاثة.
والسؤال: - إنَّ المدار على ماذا، فهل المدار على العلم بالضرر فآنذاك تطبق قاعدة لا ضرر، أو المدار على الجهل، أو المدار على الضرر الواقعي؟
وقبل أن ببيّن المطلب نقول:- إنه قد يقال في باب الغبن إذا كان الطرف يعلم بالتضرر والغبن فحينئذٍ يصدق عليه أنه أقدم بنفسه على الضرر فلا تنطبق عليه قاعدة لا ضرر، فقد يوجه اعتبار الجهل هنا لخصوصيةٍ في المورد، فإنه لو كان عالماً في باب الغبن فهو قد أقدم على الضرر، فلا يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر، وقد أشار الشيخ العراقي(قده) إلى هذا المطلب حيث قال:- ( التزموا باختصاص جريانها بحال الجهل بالضرر في هذه المعاملات جرياً على ما تسالموا من كون هذه القاعدة سيقت في مورد الامتنان ولا امتنان في رفع اللزوم على العالم بالضرر والمقدم عليه من الأول ). [2]
وهناك ثلاثة أبحاث نطحها في هذا المجال: -البحث الأول: - كيف نثبت أنَّ حديث لا ضرر مسوق مساق الامتنان؟، فإنَّ الشيخ العراقي(قده) قال إنه مع علمه بالغبن والتضرر يكون هو قد أقدم على الضرر، ولا معنى لشمول قاعدة لا ضرر لمن أقدم على الضرر، لأنَّ حديث لا ضرر امتناني فلا يشمل من أقدم على الضرر.
البحث الثاني: - لماذا تكون نكتة الامتنان مانعة من شمول الحديث لموارد الإقدام على الضرر، فما هو وجه التنافي؟
البحث الثالث: - أيّ إقدامٍ على الضرر يمنع من تطبيق قاعدة لا ضرر، فهل هو الإقدام على الضرر بجميع مراتبه أو خصوص مرتبة من مراتبه؟