42/08/06
الموضوع: - التنبيه الخامس ( هل قاعدة لا ضرر تشمل الأحكام العدمية أو لا )- تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.
ذكرنا ما ذهب إليه السد الخوئي(قده) من أنَّ لا ضرر تشمل الأحكام العدمية، ويمكن أن نلخّص دعاواه كي نتأمل فيها، فالدعوى الأولى هي أنَّ لا ضرر تختص بالأمور المجعولة، وهذا يتوافق ما قاله الشيخ النائيني(قده) ليس شيئاً جديداً، والدعوى الثانية هي إنَّ الحكم العدمي يمكن إدخاله في خانة المجعولات لما أشرنا إليه، والدعوى الثالثة هي أننا لم نعثر على عدم حكمٍ يلزم منه الضرر، فإنه في موردنا - وهو الزوجة التي غاب عنها زوجها - فهنا لا يوجد حكم عدمي ينشأ منه الضرر، لأنَّ الضرر إما أنه ينشأ من نفس الزوجية، أو ينشأ من عدم وجوب الانفاق عليها، أو ينشأ من ثبوت حق الطلاق للزوج، والجميع محل تأمل، أما الأول - وهو نفس الزوجية - فهي ليست منشأً للضرر بدليل أنَّ المرأة قبلت بالتزويج منه، وأما عدم وجوب الانفاق فجوابه أنَّ الشرع المقدس في عالم التشريع أثبت وجوب الانفاق لا أنه أثبت عدمه، غاية الأمر أنَّ الزوج غائب وإلا فالشرع قد أثبت عليه وجوب الانفاق لا أنه أثبت عليه عدم وجوب الانفاق حتى تقول يلزم منه الضرر، أما ثبوت حق الطلاق بيد الزوج دون ثبوتها للزوجة أو للحاكم الشرعي فإنَّ كان هناك حكم ضرري فهو هذا ولكن يمكن دفع هذا بأنَّ اثباتها في مثل هذه الحالات - يعني مثل حالة غياب الزوج - للزوجة أو للحاكم الشرعي هو تدارك للضرر، وحديث لا ضرر حديث نفيٍ للضرر لا حديث تداركٍ للضرر، ومع التنزل القول بأنَّ حصر الطلاق بيد الزوج هو ضرري ولكن نقول إنَّ جعل رفع العلقة الزوجية بيد الزوجة فيه إضرار للزوج أيضاً، فيصير المورد من تعارض الضررين، فلا تشمله قاعدة لا ضرر.
وفي مقام التعلّيق على ما ذكره نقول: -أما الأمر الأول وهو قوله إنَّ حديث لا ضرر يختص بالأحكام المجعولة: - فقد تقدم التعليق عليه بتعليقين وهما: -
الأول[1] : - إنَّ اختصاص حديث لا ضرر بالأحكام المجعولة مجرد دعوى، إذا لا توجد كلمة ( مجعولة ) في الحديث، بل لنفسر لا ضرر بتفسير آخر هو أنه لا ضرر من حيث الموقف الشرعي، وجزماً حينما يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو ناظر إلى الموقف الشرعي ولكن الموقف الشرعي قد يكون حكماً مجعولاً وقد يكون عدم جعل حكم فهو يشمل الاثنين معاً، والقرينة على ذلك هو أنَّ لا ضرر قد صدر من الشرع فحينما يقول ( لا ضرر ) يعني من ناحية مواقفي أنا الشرع، فقرينته معه، يعني من حيث الموقف الشرعي والموقف الشرعي قد يكون مجعولاً وقد يكون عدماً كما في موردنا وهو عدم جعل حق الطلاق بيد غير الزوج، فعدم جعل رفع علقة الطلاق بيد غير الزوج فيه إضرار للزوجة، فلماذا تخصصه بالمجعول بل هو يعم كما بينا.
الثاني: - سلَّمنا أنَّ حديث لا ضرر خاص بالمجعولات ولكن نقول إنه حديث تخفيف بلا إشكال، ولا نحتمل أنه يريد التخفيف برفع الحكم الوجودي الضرري ولا يريد التخفيف برفع الحكم العدمي الضرري، فإنَّ احتمال إرادة التخفيف من ناحية الحكم الوجودي الضرري دون الحكم العدمي الضرري ليس احتمالاً عقلائياً.