42/08/03
الموضوع: - التنبيه الخامس ( هل قاعدة لا ضرر تشمل الأحكام العدمية أو لا )- تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.
عودٌ إلى صلب الموضوع:- كان كلامنا في بداية هذا التنبيه هو أنه هل حديث لا ضرر يشمل الأحكام العدمية أو، وقلنا توجد ثلاثة أقوال في ذلك قول للسيد اليزدي(قده) حيث قال إنَّ قاعدة لا ضرر تشمل الأحكام العدمية كبروياً والصغرى ثابتة أيضاً يعني توجد أحكام عدمية توجب الضرر مثل عدم ثبوت الطلاق بيد الحاكم الشرعي للزوجة التي غاب زوجها ولا نفقة لها، فهو سلّم بالكبرى - يعني أنَّ لا ضرر تشمل الأحكام العدمية - وسلّم بالصغرى - يعني توجد عندنا أحكام عدمية توجب الضرر، والقول الثاني فهو للشيخ النائيني حيث أنكر الكبرى حيث قال إنَّ لا ضرر لا تشمل الأحكام العدمية وذلك لوجوه ثلاثة وقد تقدمت يبقى من حيث الصغرة فقد ينسب إليه أنه ينكرها أيضاً، والقول الثالث فهو ما ذهب إليه السيد الخوئي(قده) فهو سلّم بالكبرى ولكنه أنكر الصغرى فقال لا يوجد حكم عدمي يوجب الضرر، وهذا كله قد تقدّم، والآن نريد أن نبيّن ما ذهب إليه السيد الخوئي(قده) وأدلته.
أما السيد الخوئي(قده)[1] فقد قال: - إنَّ لا ضرر تشمل الأحكام العدمية، والدليل هو إنَّ عدم جعل الحكم في المورد القابل لذلك الحكم هو جعلٌ للعدم، فالشارع إذا لم يجعل الحرمة للتدخين في المورد الذي يمكن فيه جعل الحرمة للتدخين فهذا جعلٌ لعدم الحرمة، وبالتالي سوف تصير الأحكام العدمية مجعولة وتشملها لا ضرر من باب أنها مجعولة لا أنها غير مجعولة.
فإذاً هو يريد أن يسلّم أنها لا تشمل غير المجعولة كما قال شيخه النائيني(قده) ولكن الأحكام العدمية مجعولة فتشمها قاعدة لا ضرر لأنَّ عدم جعل الحكم في المورد القابل لجعل الحكم هو جعلٌ لذلك العدم.
ولكنه ذكر في التنقيح[2] في باب الطهارة ذكر بمناسبة أنَّ قاعدة لا ضرر لا تشمل الأحكام العدمية وعلل بأنَّ الحديث ناظر إلى الأحكام المجعولة.
والظاهر أنه لا يوجد تنافٍ بين ما ذكره في مصباح الأصول وما ذكره في التنقيح، لأنه بالتالي هو يريد أن يقول في مصباح الأصول إنَّ الحديث خاص بالمجعولات، والعدميات مجعولةٌ أيضاً، أما في التنقيح فقال هو لا يشمل الأحكام العدمية ولكنه لم يذكر تفصيل ذلك، فإذاً هو في كليهما يسلّم بأنَّ لا ضرر لا يشمل الأحكام العدمية ولكنه في مصباح الأصول يقول إنَّ عدم جعل الحكم في المورد القابل لجعل الحكم هو جعل الحكم، فهذا الكلام لم يذكره في التنقيح، وهل يوجد موقفان متهافتان من قبله أو أنه لا يوجد تهافت وإنما يسلّم بأنَّ لا ضرر مختصة بالأحكام العدمية ولكن يوجد عنده كلامان الأول إنَّ الأحكام العدمية هل هي مجعولة وهذا ما قاله في مصباح الأصول، أو أنها غير مجعولة وسكت عنه وهذا ما قاله في التنقيح، فإذا كان هناك تهافت فهو بهذا المقدار.
وأما الصغرى فقال إنه لا يوجد عندنا حكم عدمي ينشأ منه الضرر، ومثال ذلك الزوجة التي غاب زوجها وانقطعت أخباره فإنَّ الضرر إما أن يأتي من نفس الزوجية أو أنه يأتي من عدم وجوب الانفاق عليها شرعاً أو أنه يأتي من عدم جعل الولاية في الطلاق للزوجة، فمنشأ الضرر هو أحد هذه الأمور الثلاثة، أما الزوجية فليست هي منشأ للضرر فإنه لا يوجد هذا الاحتمال وإلا كيف نقدم على الزوجية فنفس الزوجية لا يوجد فيها ضرر، وأما عدم وجوب الانفاق فهو ليس بضرري لأن الشرع حكم بوجوب الانفاق لا أنه حكم بعدم وجوبه، فإذاً الشرع أمّن هذه القضية في عالم التشريع وجعل وجوب الانفاق على الزوج فلا يوجد ضرر من زاوية التشريع لأنه حكم بوجوب الانفاق، أما أنه لم يجعل أمر الطلاق بيد الزوجة فهذا قد يقال بأنه ضرري.