42/08/01
الموضوع: - التنبيه الخامس ( هل قاعدة لا ضرر تشمل الأحكام العدمية أو لا )- تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية.
والجواب: - إنه يمكن ان ندفع محذور الفقه الجديد فنقول: -
أما ما ذكره في المورد الأول فيمكن أن يقال في جوابه:- إنَّ لا ضرر نظر إلى الضرر الناشئ من جهة الشرع بشكلٍ وآخر فإذا كان الضرر ينتهي إلى الشرع المقدس فهنا تأتي لا ضرر، فقاعدة لا ضرر لا تنفي كل ضرر وإنما هي تنفي الضرر الناشئ من جهة الشرع وله انتساب للشرع بشكل من الشكال أما الضرر الذي لا ينتسب إلى الشرع بشكل من الأشكال لا تشمله قاعدة لا ضرر، فإن لا ضرر صدر من الشرع المقس فالمقصود هو أنه لا ضرر من جهة الموقف الشرعي فقرينته معه، فمن جهة المواقف الشرعية لا ضرر فإذا كان هناك موقف شرعي يسبب الضرر يكون مرتفعاً أما الضرر الذي ينشأ من جهات أخرى كما لو وقع وانكسرت رجله فقاعدة لا ضرر لا تشمله وهي أجنبية عنه.
ولا يقولن قائل: - إنَّ حديث لا ضرر مطلق فنتمسك بإطلاقه.
حيث نقول: - إنَّ لا ضرر ينفي الضرر لا ينفي الضرر من أي جهة من الجهات وإنما هو ينفي الضرر من جهة المواقف والأحكام الشرعية.
فإذا كان الأمر كذلك فلا معنى للنقض بهذا المثال، فإنَّ الضرر في هذا المثال وما شاكله لم نشأ من جهة الشرع لا من قُربٍ ولا من بُعد، فلا تشمله قاعدة لا ضرر.
وأما ما ذكره في المورد الثاني فيمكن أن يقال في جوابه: - بأنَّ ارتفاع الضرر لا يتوقف على الحرية، وإنما نقول إنَّ وجوب إطاعة العبد لمولاة لاتي هي حكم تكليفي حيث إنها توجب الضرر على العبد فسوف ترتفع، لا أنَّ العبودية ترتفع فيبقى عبداً ولكن لا يلزمه اطاعة المولى مادامت الاطاعة تسبب له ضرراً بالمقدار الذي يرتفع فيه الضرر لا تجب الاطاعة، ولا بأس بالالتزام بهذا.
وأما ما أفاده في المورد الثالث فيمكن أن يقال في جوابه: - إنَّ الذي سبّب الضيق والضرر على هذه المرأة ليس هو عدم الطلاق وإنما الذي سبَّبه هو حصر الطلاق بيد الزوج، فهذا الحصر سوف يرتفع، فعدم صحة الطلاق من غير الزوج سوف يرتفع إلى الصحة والقدر المتيقن من الصحة أن يصدر من الحاكم الشرعي، فتكون الولاية للحاكم الشرعي على الطلاق من باب قاعدة لا ضرر، والالتزام بهذا شيء لا بأس به.
ويمكن أن نضيف أكثر ونقول: - إنه يمكن التمسك بلا ضرار أيضاً، لأنَّ لا ضرار يقول إنَّ كل ما يسبّب الضرر فهو مرتفع، فإذا ضمننا إلى ذلك أنَّ لا ضرار يلازم جعل الوسائل الوقائية والوسيلة الوقائية هنا لارتفاع الضرر والاضرار لهذه الزوجية التي سّببت الإضرار هي جعل الولاية بيد الحاكم الشرعي - أو بيد غيره كالزوجة -، فيثبت جواز طلاقها أيضاً بلا ضرار.
بل نقول أكثر: - وهو أنَّ بعض الروايات تدل على أن الطلاق ثابت لغير الزوج في مثل هذه الموارد، ونذكر لذلك روايتان، الأولى: - ما رواه الشيخ الصدوق بإسناده عن ربعي بن عبد الله والفضيل بن يسار جميعاً عن أبي عبد الله عليه السلام: - ( في قوله تعالى " ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله" قال إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلا فرّق بينهما ) [1] ، فإذاً الطلاق ليس دائماً بيد الزوج وإنما يوجد مجال أن يطلقها غيره وهو الامام عيله السلام في زمانه أو الحاكم الشرعي في زماننا، الثانية:- صحيحة أبي بصير قال:- ( سمعت أبا جعفر يقول من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها وطعمها ما يقيم صلبها كان حقاً على الامام أن يفرّق بينهما )[2] .
ولا يقولن قائل: - إنها قالت ( على الامام ) فهي تختص بالإمام عليه السلام.
ولكن نقول: - إنها قالت ( على الامام ) يعني مادام الامام عليه السلام موجوداً، ولكن المقصود هو الكناية عن المتولي الشرعي ومن بيد الأمر شرعاً، فمع وجود الامام عليه السلام فهو المتولي الشرعي ومع عدم وجوده يكون للحاكم الشرعي، فإذاً يمكن أن نقول إنَّ الطلاق يرتفع انحصاره بالزوج لهذه الروايات، نعم قد توجد روايات معارضة لهذه الروايات وهي تدل على العدم، ولكن نقول إنَّ هذه قضية ثانية، وإنما الذي نريد أن نقوله هو أنه يمكن أن يقال بثبوت الولاية لغير الزوج لا أنها تصبح طالقاً قهرياً، وإنما هذه الزوجية يمكن إزالتها بشكلٍ وآخر ولو من خلال الحاكم الشرعي كما أوضحنا.