الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/07/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الثالث - تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.

إن قلت: - إنَّ لا ضرر كيف تكون مدركاً فإن تفرع اللزوم الضرري ولا تثبت الخيار فكيف نثبت الخيار بلا ضرر.

قلنا: - إنَّ الجواب واضح، فإنَّ نفي اللزوم معناه الخيار، فمعنى أنَّ العقد ليس بلازم يعني أنَّ لك فسخه، وهذا هو معنى الخيار.

وقبل أن ننتقل إلى الجواب الثاني نقول: - إنَّ الفقهاء قالوا إنَّ خيار الغبن والعيب قابل للإسقاط والارث، ونحن الآن أثبتنا قابلية الخيار للإسقاط بنحو الحقية لا بنحو الحكم الشرعي يعني إذا رضي صاحب الخيار بإسقاطه سقط، ولكن كيف نثبت أنه قابل للإرث ولا ضرر لا تثبت الإرث، ونحن نريد أن نبيّن رداً على الشيخ العراقي(قده) فإنه قال إنَّ لا ضرر لا تثبت الخيار بنحو الحقية وهكذا لا تثبت الإرث ونحن نقول إنه إذا مات المشتري ورث ابنه الخيار فيتمكن أن يفسخ العقد وقد أثبتنا الإرث، فالمشتري يتمكن أن يسقط الخيار أو يرضى بالمعيب وبذلك يسقط الخيار، لأجل أنَّ مدرك الخيار هو لا ضرر ومع الرضا يكون الضرر ناشئاً من جهة المكلّف نفسه لا من جهة الشارع فيسقط الخيار ولا ضرر لا تكون فعّالة حينئذٍ لإثبات الخيار، فإذا كان الخيار قابلاً للإسقاط بالرضا أو مقابل عوضٍ في مقابل الغبن أو العيب فيشمله عنوان ( ما ترك ) الوارد في قوله تعالى:- ﴿ للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قلَّ منه أو كثر نصيباً مفروضا﴾[1] ، فهذا الشخص الذي كان له الخيار إذا مات قبل أن يُعمل الخيار فيكون خياره مشمولاً لعنوان ( ما ترك ) وحينئذٍ ينتقل إلى الابن بالإرث، فإذاً اثبتنا الإرث أيضاً كما وأثبتنا القابلية للإسقاط بنفس لا ضرر من دون حاجة إلى وراية أخرى معها.

ثانياً: - إنَّ المكلف حينما ينشئ أيّ معاملة كانت كأن يقول بعت داري هذه بمائتي مليون دينار وقبل الطرف الآخر بذلك فهو في الحقيقة أنشأ شيئين والمشتري أنشأ شيئين أيضاً، فالبائع أنشأ نقل الدار إلى المشتري بكذا وهذا واضح وكلّنا نعرفه، كما يوجد إنشاء ثانٍ من قبل البائع وهو أني أنشأت التزامي بالعقد، يعني بعتك الدار بكذا مقدارٍ من الثمن وأنا ملتزم بهذا البيع ولا أتراجع عنه، والإنشاء الثاني إن أمضاه الشارع فأمره ماشٍ وإن لم يمضه فلا يمشي أمره، والشارع لم يمضه في بعض الموارد كالمجلس، فمدام المتبايعان في مجلس العقد فالشارع لم يمضِ الالتزام الثاني وإنما قال:- ( البيّعان بالخيار ما لم يفترقا )، كما أنه لم يمضِه أيضاً في بيع الحيوان، فإنه أثبت الخيار في الثلاثة أيام أما بعد الأيام الثلاثة فهو يمضي الإنشاء الثاني، كما أنه لم يمضِه فيما إذا جلست في الدار التي اشتريتها ولكن تبيَّن لي أنها آيلة إلى الانهيار، فهنا تبيّن أنَّ هذه الدار فيها عيب أو كنت مغبوناً فيها ففي مثل هذه الحالة تأتي لا ضرر وترفع إنشائي الثاني، لأنَّ إنشائي الثاني قد سبَّب لي ضرراً وأنا لا أعلم بهذا الضرر ولا أعلم بهذا العيب فتأتي لا ضرر وترفع اللزوم الحاصل بالإنشاء الثاني فيمكنني أن أفسخ العقد، أما إذا أردت عدم الفسخ فلي ذلك، ولكن لو أرت أن أفسخ العقد فلي ذلك أيضاً، فلا يلزم أن أتحمّل الضرر، ولكن إذا أردت أن تحمّله فهذا أمر آخر، فإذاً بهذا البيان الثاني أثبتنا من خلال لا ضرر أنَّ الخيار حقّي.


[1] النساء/السورة4، الآية7.