42/07/11
الموضوع: - التنبيه الثالث - تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.
الشاهد الثالث: - باب الخيار، حيث قال إنه توجد خيارات ثلاث جعل الفقهاء مدركها قاعدة لا ضرر وهي خيار تبعض الصفقة وخيار العيب وخيار الغبن وبكن في الواقع المدرك ليس هو قاعدة لا ضرر وإنما هو شيء آخر وهو تسالم الأصحاب على ثبوت هذه الخيارات الثلاثة في المعاملات.
أما بالنسبة إلى خيار تبعض الصفقة لماذا لا يكون المدرك هو لا ضرر ونقول إن لا ضرر جعلوه في الواجهة وإلا فليس هو المدرك فنقول: - إنه في خيار تبعض الصفقة المدرك ليس هو قاعدة لا ضرر لأنَّ المشتري سوف لا يتضرر بتبعض الصفقة وإنما غاية ما في الأمر أنه يلزم تخلف الداعي والغرض وتخلف الداعي والغرض ليس بضرر، فلا يحصل نقص في المالية وإنما يحصل تخلف في الداعي والغرض، فمثلاً الداعي لي في شراء دروة كتاب الجواهر أن تكون الدورة المتكاملة والغرض يقع في الدورة المتكاملة وهذا الغرض والداعي لم يتحقق إذا لم تكن الدورة متكاملة، وتخلّف الداعي أو الغرض لا يوجب الضرر حتى نتمسك بقاعدة لا ضرر إذ لا نقصان في المالية، فعلى هذا الأساس لا معنى للتمسك بقاعدة لا ضرر، فإذاً قاعدة لا ضرر جعلوها في الواجهة ولكن المدرك هو شيء آخر هو التسالم[1] .
وفي مقام المناقشة نقول: -أولاً: - افترض أننا سلّمنا أنَّ تبعض الصفقة ليس بضرر مالي ولكنه ضرر عقلائي، فصحيح أنه سوف لا يحصل نقصان في المالية ولكن سوف يحصل نقصان في الرغبة، فأنا أرغب في دورة متكاملة من كتاب الوسائل ولا أرغب في الدورة الناقصة وهذا ضرر عقلائي، وليس من البعيد أنَّ قاعدة لا ضرر كما تشمل الضرر المادي تمل الضرر العقلائي أيضاً.
ثانياً: - ربما يقال إنَّ الضرر المالي لم يحصل أيضاً، إذ من أحد العوامل المؤثرة على مالية الشيء هي شدَّة الرغبة وخفّتها، فإذا كانت الرغبة شديدة فسوف يرتفع سعرة وتكون له مالية وإلا فسوف يهبط سعره، وهنا صحيح أنَّ دورة كتاب الجواهر مثلاً مؤلفة من أربعين جزءاً ولنفترض أنَّ سعر كل جزء هو دينار فالدورة المتكاملة تكون قيمتها أربعين ديناراً أما إذا فرض أنَّ الموجود منها خمسة أجزاء فهنا يمكن أن يقال إنَّ مالتها سوف تقل عن الخمسة دنانير وقد تشترى بأربعة دنانير أو أقل من ذلك، وهكذا هو واقع الحال في السوق، فإذاً يمكن أن يدّعى أنه بتبعّض الصفقة تقل المالية أيضاً، فالضرر هو ضرر مادّي أيضاً لا أنه ضرر عقلائي فقط.
وأما ما ذكره بالنسبة إلى خيار الغبن والعيب فقال: - صحيح أنه يوجد ضرر في الغبن والعيب وأن لا ضرر يصلح أن يكون مدركاً فإنَّ العيب والغبن ضرران بالوجدان ولكن لا ضرر لا تثبت لنا الجواز الحقي- الخيار الحقي - ونحن نريد الجواز الحقي، لأنَّ الفقهاء يقولون للذي اشترى المعيب أنَّ له الخيار الحقي، ومعنى الخيار الحقي أنه قابل للإسقاط، وهو خلاف الحق الحكمي - أو الخيار الحكمي - فإن الخيار الحكمي غير قابل للإسقاط، مثل الجواز في الهبة إلى غير ذي الرحم فإنه حتى لو أسقطت هذا الخيار فهو باقٍ ولا يسقط، ففي مقامنا صحيح أنَّه يوجد ضرر ويثبت خيار تبعّض الضفقة أو خيار العيب لكن لا ضرر لا تثبت أنَّ الخيار هو خيار حقي قابل للإسقاط، وإنما تثبت الخيار ولو كان حكمياً، فلا ضرر تثبت الأعم ولا تثبت الفرد الخاص وهو الخيار الحقي، فإذاً هي ليست مدركاً لما قاله الفقهاء لأنهم يقولون بالخيار الحقي وهي لا تصلح أن تكون مدركاً لذلك، فإذاً المدرك هو التسالم.