42/07/10
الموضوع: - التنبيه الثالث - تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.
ثانياً: - لم لا نقول إن مدرك الفقهاء هو كلا الأمرين قاعدة لا ضرر واجتماع الأمر والنهي لا أحدهما، ولكنهما يكونان مدركاً في صورة العلم بالضرر والعلم بوجوب الوضوء، فإنَّ لا ضرر تصلح هنا لرفع وجوب الوضوء لأنه مضر والمكلف يعلم بالضرر فترفعه، وكذلك يوجد في حقه اجتماع الأمر والنهي، فإنَّ الأمر بالوضوء في حقه موجود والنهي عن الإضرار بالنفس موجود في حقه أيضاً وغُلّب جانب النهي فإذاً لا أمر بالوضوء، ففي حالة العلم بالضرر ووجوب الوضوء كلتا القاعدتين هما المستند للحكم ببطلان الوضوء لا واحدة منهما، أما كون قاعدة لا ضرر هي مستند فواضح، وذلك لأجل أنَّ وجوب الوضوء سوف يكون سبباً للضرر فتأتي قاعدة لا ضرر، وكذلك يوجد اجتماع أمر ونهي، فإنه يوجد أمر بالصلاة ويوجد نهي عن الإضرار، وحيث إنَّ النهي أهم أو محتمل الأهمية فيقدَّم، فيكون الاثنان سبباً لبطلان الوضوء، وأما إذا كان المكلف جاهلاً بالضرر فقاعدة لا ضرر لا يمكن التمسك بها لما أفاه الشيخ العراقي(قده) من أنَّه مادام المكلف لا يعلم بوجوب الوضوء فسوف لا يصير وجوب الوضوء منشأً للضرر لأنه لا يعلم بالوجوب، فالوجوب الواقعي لا يكون منشأً للضرر بعد عدم علمه به، فلا يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر، ولكن يمكن تطبيق قاعدة اجتماع الأمر والنهي مع تقديم جانب النهي لأهميته فيحكم بالبطلان، فنحن نقول له إنَّ كلامك صحيح وكلامنا صحيح أيضاً، وكلامك لا ينافي كلامنا كما بيّنا، وبهذا يصير كلام المشهور صحيحاً، فهم مستندون إلى قاعدة لا ضرر في حالة العلم بالضرر والعلم بوجوب الوضوء معاً، وأما في حالة الجهل بوجوب الوضوء فمدرك البطلان ينحصر باجتماع الأمر والنهي، فصار هذا ردّا على الشيخ العراقي(قده) حيث قال إنهم تمسكوا بقاعدة لا ضرر وجعلوها في الواجهة ولكن في الحقيقة مدركهم هو شيء آخر، ولكن نحن نقول له:- إنَّ تمسكهم بقاعدة لا ضرر شيء صحيح في حالة العلم بضررية الوضوء مع فرض العلم بوجوب الوضوء فالتمسك بلا ضرر هنا يكون صحيحاً، كما أنَّ التمسك باجتماع الأمر والنهي صحيح أيضاً، فما ذكرته ليس بصحيح، نعم في صورة الجهل بوجوب الضوء فعلى كلامك نقل نعم المدرك لا يكون هو لا ضرر وإنما هو اجتماع الأمر والنهي ولكن هذا ليس معناه أنَّ تمسكهم بقاعدة لا ضرر في مسألة الوضوء هو أنهم جعلوها في الواجهة ولكن مدركهم الصحيح هو قاعدة اجتماع الأمر والنهي، كلا وإنما قاعدة لا ضرر هي مدرك أيضاً إلى جنب المدرك الآخر وهو اجتماع الأمر والنهي، فإذاً صارت قاعدة لا ضرر دليلاً على بطلان الوضوء كما أنَّ اجتماع الأمر والنهي دليل على ذلك أيضاً، ولكن لا ضرر تصير دليلاً في حالة العلم بوجوب الوضوء والعلم بضرريته، نعم في صورة الجهل بوجوب الوضوء المدرك ينحصر باجتماع الأمر والنهي، وهذا لا بأس به.
ثم إنه من خلال ما ذكرنا اتضح الفارق بين الشواهد الثلاثة، فالشاهد الأول مورده العلم بضررية الوضوء زائداً العلم بوجوب الوضوء، والشاهد الثاني مورده أن يكون عالماً بوجوب الوضوء ويكون جاهلاً بضررية الوضوء، والشاهد الثالث عكس الشاهد الثاني وهو أن يكون جاهلاً بوجوب الوضوء مع علمه بالضرر، واتضح أنه في جميع هذه الموارد يمكن التمسك بلا ضرر لا كما ذكر الشيخ العراقي(قده) من أنه لا يمكن ذلك وإنما المدرك هو اجتماع الأمر والنهي، ولكن نقول:- نعم في بعض هذه الموارد يكون اجتماع الأمر والنهي هو مدرك أيضاً إضافة إلى قاعدة لا ضرر، لا أنَّ لا ضرر ليست هي المدرك كما قال.
هذا كله بالنسبة إلى هذه الشواهد الثلاثة التي ذكرها الشيخ العراقي(قده) في المورد الأول وهو باب الوضوء.