الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/07/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الثالث - تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.

الشاهد الثالث: - وهو عكس الشاهد الثاني، وهو أن يكون المكلف عالماً بالضرر وجاهلاً بوجوب الوضوء ولكنه توضأ اتفاقاً ولو برجاء المطلوبية، فهنا حكم المشهور ببطلان الوضوء، وهذا يدل على أنهم لم يستندوا إلى قاعدة لا ضرر وإنما استندوا إلى مسألة اجتماع الأمر والنهي، وذلك باعتبار أنهم لو كانوا يستندون إلى قاعدة لا ضرر ففي هذا المورد لا يوجد ضرر، لأنَّ المكلف يجهل بوجوب الوضوء فيجهل بالتالي بالضرر وبالتالي لا يكون وجوب الوضوء منشأً للضرر في حقه لأنه يجهل بالوجوب، والذي يصير سبباً للضرر هو وجوب الوضوء المعلوم أما الوجوب المجهول لا يصير سبباً للضرر، فلا يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر، فإذاً مستندهم ليس هو قاعدة لا ضرر لأجل هذه النكتة، فحتماً مستندهم هو مسألة اجتماع الأمر والنهي، يعني أنَّ هذا المكلف يوجد في حقه وجوب الوضوء وتوجد حرمة من باب الضرر وفي مثل هذه الحالة إذا كانت الحرمة أهم في علم الله تعالى فسوف تتقدّم ويحكم ببطلان الوضوء حينئذٍ وإن كان المكلف جاهلاً بوجوب الوضوء، فحتى لو فرض أنه لا يعلم بوجوب الوضوء ولكن مادام قد فرضنا أنَّ هذا الوضوء ضررياً فسوف يكون حراماً فتتقدّم الحرمة فيحكم بالبطلان وإن كان المكلف لا يعلم بوجوب الوضوء فإنَّ علمه أو جهله بوجوب الوضوء لا يؤثر شيئاً.

ويرد عليه: -

أولاً: - إنه قال في مقابل المشهور إنَّ قاعدة لا ضرر لا يمكن تطبيقها لأنَّ وجوب الوضوء مجهول لدى المكلف ومادام مجهولاً فلا يصير منشأً للضرر فلا يرتفع بقاعدة لا ضرر وإنما يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر في حق العالم بوجوب الوضوء فهنا قاعدة لا ضرر ترفع الوجوب لأنَّ وجوب الوضوء ضرري في حقه لأنه عالم بالوجب، ونحن نقول:- إنَّ هذا معناه أنَّ العالم بوجوب الوضوء سوف يرتفع وجوب الوضوء في حقه، أما الجاهل بوجوب الوضوء فسوف لا يرتفع وجوب الضوء في حقه وإنما يبقى وجوب الوضوء ثابت في حقه لأنه جاهل بوجوب الوضوء وقاعدة لا ضرر لا تأتي في الجاهل باعتبار أنه جاهل فلا يكون وجوب الوضوء منشأً للضر فقاعدة لا ضرر لا ترفع هذا الوجوب المجهول وإنما هي ترفع ذاك الوجوب المعلوم، يعني سوف يصير وجوب الوضوء المعلوم الذي يعلم به المكلف سوف يرتفع بقاعدة لا ضرر ولكن الجوب المجهول يبقى ثابتاً في حق المكلف ، أي يلزم من ذلك أن يكون الجهل أسوأ حالاً من العالم والمفروض أنَّ الجاهل يصير التخفيف عليه أكثر وعلى ما قلت سوف يكون الأمر بالعكس، وهذا كلام غريب، فما ذكرته إن كان معقولاً وممكناً ولكنه ليس عقلائياً، وهذا مطلب واضح.