42/06/25
الموضوع: - التنبيه الثاني - تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.
ثالثاً:- إنه قال(قده) سوف يقع التزاحم بين الحقين بين حق الأنصاري وبين حق سمرة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم حق الأنصاري لأهميته، ونحن نقول:- إنه لا تزاحم كما اتضح من خلال ما ذكرنا، فإنَّ التزاحم يعني عدم إمكان اجتماع الامتثالين في وقت واحد كما في الصلاة وإزالة النجاسة إذا كانت كثيرة فإنه لا يمكن الجميع الصلاة وإزالة النجاسة، أو الصلاة مع انقاذ الغريق فإنه لا يمكن اجتماعهما، وهذا بخلافه في موردنا فإنَّ الاجتماع ممكن، فالأنصاري يمكن أن يعيش من دون تضييق عليه وهذا يمكن اجتماعه مع عدم الضيق على سمرة وذلك بأن يدخل سمرة مع الاستئذان، فأين التزاحم والتنافي هنا؟!! بل هنا كلاهما يمكن امتثالهما من دون مضايقة فالمورد ليس من موارد التزاحم حتى تقدم حق الأنصاري لأهميته.
رابعاً: - نقول للشيخ العراقي(قده) إنك لم تعالج مقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: - ( اذهب يا فلان فاقلعها وارم بها إليه فإنه لا ضرر... )، يعني أنَّ النبي صلى الله عليه وآله جعل لا ضرر تعليلاً لسابقه وهو الأمر بالقطع فهذه القضية يلزم أن تعالجها وكان من المناسب أن يعالجها، فإن لا ضرر قد ذكرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتعليل للقبع وليس تعليلاً لأن يعيش الأنصاري في بيته معيشة من دون مزاحمة، يعني هي تعليل ونكتة لعدم المزاحمة والحال أنه لم هذا الشيء، فعلى هذا الأساس لابد أن يتناسب ما أفاده مع تعبير النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتعبيره صلى الله عليه وآله وسلم هو شاهد على أنَّ لا ضرر ذكره علة لوجوب القلع أنه علَّة للقلع وأنه لابد أن تقلع لا أنه ذكره كتعليل للزوم أن يعيش الانصاري في بيته عيشة غير مزاحمة وفيها تضييق كما قال الشيخ العراقي(قده).
وخلاصة ما ذكر في هذا التنبيه:- إنَّ الاشكال الذي أثاره الأعظم(قده) قد ذكرت له عدة أجوبة، والأحسن ما أجبنا به سابقاً، حيث قلنا لابد من التمييز بين فقرة ( لا ضرر ) وفقرة ( لا ضرار ) - والنائيني والعراقي وغيرهما لم يفصلوا بين الفقرتين - فإنَّ فقرة ( لا ضرر ) واردة لبيان أنّ أحكام الشريعة ليس فيها ضرر وكل حكم شرعي استلزم ثبوته الضرر فهو مرفوع، ولذلك نستفيد من فقرة لا ضرر إذا كانت الصلاة من قيام أو الوضوء أو غيرهما إذا كان يضر المكلف فهو مرفوع بلا ضرر، وأما فقرة ( لا ضرار ) فمعناها أنه لا يجوز الاضرار بالآخرين، فهذه لها مدلول مطابقي ولها مدلول التزامي، ومدلولها المطابقي هو أنه لا يجوز الاضرار بالغير وهذا ما يسبق إلى الذهن، أما مدلولها الالتزامي فهو تشريع الوسائل الوقائية التي تقينا من إضرار الغير، لأنَّ بعض الناس لا ينفع معهم الكلام الطيب كسمرة فشرّع النبي صلى الله عليه وآله القلع بالدلالة الإلتزامية، وهذه وسيلة وقائية حتى تقي الأنصاري من الضرر، وبذلك يحصل تلاؤم، وسوف ترتفع الاشكالات ولا مشكلة في البين.
التنبيه الثالث: - هل قاعدة لا ضرر قاعدة مستقلة أو لا؟
وسبب طرح هذا التنبيه هو الشيخ العراقي(قده) حيث قال إنَّ قاعدة لا ضرر ليست قاعدة مستقلة وإنما هي عنوان منتزع من قواعد متعددة، ففي الأساس توجد قواعد أخرى ولكن تجعل قاعدة لا ضرر في الواجهة ولكن من حيث الروح والمستندات هي أمور أخرى، والدليل على ذلك هو أنَّ النتيجة التي يستنتجونها من قاعدة لا ضرر تارة تكون أعم من قاعدة لا ضرر وأخرى تكون أخص وليست دائماً مساوية لمقدار لا ضرر فهذا الاختلاف يدل على أن ناك مدرك وراء لا ضرر أما لا ضرر فهو يجعل في الواجهة ومثل لذلك بقاعدة الحل وهي ما ورد في صحيحة عبد الله بن سنان:- ( كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه )، حيث قال إنَّ قاعدة الحل في الحقيقة ليست هي الأساس وإنما هناك أمور أخرى فإنَّ منشأ الحل هو إما وجود الاستصحاب أو أصالة الصحة أو اليد فهذه هي المناشئ الأساسية في مورد قاعدة الحل ولكن جعلت قاعدة الحل في الواجهة وإلا فالأساس والمدرك هو أحد هذه الأمور الثلاثة، كما لو استريت بيتاً من شخص فمن قال إنَّ هذا البيت ملكه؟!! فنحن نقول إنَّ المنشأ لكون هذه الدار ملكه هو إما قاعدة اليد أو استصحاب ملكيته للدار لأنه كان مالكاً لها سابقاً والآن نشك فنستصب الملكية أو أصالة الصحة في فعل المسلم، فالمنشأ هو هذا لا قاعدة الحل، وكذلك الحال بالنسبة إلى قاعدة لا ضرر.