الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/06/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الأول - تنبيهات قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.

الجواب الثالث: - ما ذكره الشيخ النائيني(قده)، وهو أنَّ حديث لا ضرر ناظر إلى الأحكام التي تكون ضررية أحياناً وفي بعص الأوقات مثل الصلاة من قيام تكون ضررية إذا كان هناك مرض في ركبتي المكلف لا أنها ضررية دائماً، وهكذا الحال بالنسبة على الوضوء فهو ليس ضررياً دائماً للمكلف بل قد يستأنس المكلف بالوضوء كما لو كان في الصيف والماء بارداً، نعم هو يكون ضررياً في بعض الأحيان كما إذا كان مصاباً بمرض فحديث لا ضرر ناظر إلى مثل هذه الأحكام التي هي لست ضررية دائماً وإنما احياناً قد تصير ضررية فيأتي حديث لا ضرر ويرفع الوجوب في حالة الضرر، أما ما كان ضررياً دائماً وفي جميع الأحوال - مثل الخمس والزكاة والجهاد - فهذا ليس منظوراً لقاعدة لا ضرر، لأن لا ضرر إذا أرادت أن ترفع الخمس حالة كونه ضرراً فمعناه ارتفاع اصل الحكم لأنه ضرري دائماً، ولا تقل إنا يوجد عندي مائة مليار وعليه فسوف لا يصير الحكم ضررياً ولكن نقول إنه ضرري أيضاً لأنَّ مائة مليار خمسها عشرون ملياراً وهذا نقصان، فصار الحكم ضررياً، فعلى هذا يلزم رفع الخمس من الأساس، فإذا قلنا إنَّ قاعدة لا ضرر تشمل هذه الموارد فسوف يلزم عدم وجوب الخمس على أيَّ مكلف، أي يلزم رفع الوجوب من الأساس، وبذلك تتحقق المعارضة، وقبل المعارضة نقول إنَّ شأن الحاكم هو شأن التخصيص لا رفع الحكم من الأساس، فدوره أنه يحجّم الحكم ويخصّصه لا أنه يرفعه، على أنه يلزم المعارضة لأن دليل لا ضرر يرفع وجوب الخمس لأنه ضرري وفي المقابل يوجد دليل وجوب ﴿ الخمس﴿ واعلموا أن ما غنمتم فإن لله خمسه ولرسول ولذي القربى ﴾ فتصير معارضة والحال أنَّ الحكومة ليس شأنها رفع الحكم من الأساس وليس شأنها المعارضة وإنما شأنها التخصيص وتضييق الدائرة، فإذاً هذه الأحكام هي خارجة من قاعدة لا ضرر خروجاً تخصّصياً - إن صح التعبير -، فهي من الأساس خارجة لا أنها مشمولة ثم أخرجت، لأنَّ لا ضرر ناظر إلى الأحكام التي تكون ضررية في حالات معينة مثل الوضوء في الجوّ البارد جداً ففي هذه الحالة يأتي لا ضرر ويرفع الوجوب، أما إذا كان الحكم دائماً هو ضرري فلا يشمله حديث لا ضرر وإلا يلزم رفع الحكم من الأساس وحدث لا ضرر هو مخصِّص وليس رافعاً، كما أنه يلزم المعارضة بين دليل لا ضرر وبين دليل وجوب الخمس مثلاً وهو ﴿ واعلموا أنَّ ما غنمتم ...﴾، فهذه خارجة بالتخصّص ومن البداية وليست خارجةً بالتخصيص، فلا يلزم من ذلك محذور التخصيص الكثير، قال( قده):- ( إنَّ قاعدة لا ضرر ناظرة إلى الأحكام ومخصصة لها بلسان الحكومة ولازم الحكومة أن يكون المحكوم بها حكماً لم يقتض بطبعه ضرراً لأنه لو اقتضى جعله في طبعه ضرراً على العباد لوقع بينهما التعارض )[1] .

ولعل مقصود الشيخ الخراساني(قده) هو هذا، فحينما قال إنَّ حديث لا ضرر لا ينظر إلى ما كان مبنياً على الضرر من الأساس فهو يقصد ما ذكره الشيخ النائيني(قده) لا أنَّ العلَّة هي الاضرار، فلابد من التفرقة بين المطلبين بين أن يكون الإضرار علَّة لتكليفه بالخمس وحاشى لله تعالى أن يريد الاضرار بالمكلفين بين ما ذكره الشيخ النائيني(قده).


[1] رسالة لا ضرر، النائيني، ص402.