42/06/06
الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.
وفي مقام التعليق نقول:- إنَّ ما صدر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشتمل على فقرتين فقرة ( لا ضرر ) وفقرة ( لا ضرار )، ونحن عادةً نوجّه أنظارنا إلى فقرة لا ضرر ونغفل عن فقرة لا ضرار، والحال إنه يمكن أن يقال إنَّ ما صدر من النبي صلى الله عليه وآله هو حكم إلهي - وليس سلطانياً - كما ذهب إليه بقية الأصوليين[1] ، فنقول إنَّ الحديث النبوي توجد فيه فقرتان، فنفسَّر فقرة لا ضرر كما فسّرها الشيخ الأعظم(قده)، يعني نفسّرها بأنه لا حكم في الإسلام ينشأ منه الضرر ويكون سبباً للضر، فكل حكمٍ يكون سبباً للضرر هو منتفٍ، وقطع العذق لم يستند إلى فقرة ( لا ضرر ) وإنما استند إلى فقرة ( لا ضرار ) فإنَّ الضرار هو الإضرار، لأننا قلنا إنَّ الضرر اسم مصدر والضرار هو المصدر، فلو فرض أني ضربت شخصاً فالضربة هي فعل وهي إضرار أما الحمرة التي تصير بسبب الضربة هي الضرر وهي نتيجة المصدر، فلا ( إضرار ) تنفي الإضرار يعني لا يجوز الإضرار بالغير، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم في مقام تعليل قلع النخلة ذكر لا ضرر ولا ضرار ولكن نقول إنَّ مقصوده ليس هو ( لا ضرر ) وإنما مقصوده هو ( لا ضرار )، يعني أنَّ ما صدر من سمرة هو إضرار والإضرار منتفٍ في الإسلام، فلا يجوز ما صدر من سمرة لأنه إضرار، والذي صدر من سمرة هو الدخول والخروج إلى النخلة من دون إذنٍ من الأنصاري، فهنا أمر النبي صلى الله عليه وآله بقلع النخلة، ولو قيل إنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لا إضرار وحينما قطعت النخلة فهذا إضرارٌ بسمرة والحال أنَّ سبب الإضرار هو الدخول والخروج من دون إذن فعلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يمنع سمرة من الدخول والخروج لا أن يقلع النخلة فإنَّ قلع النخلة بنفسه هو إضرار؟!! ولكن النكتة هنا واضحة، فهنا نريد أن نقول صحيح أنَّ الإضرار حرام في الشريعة ولكن تحريم الإضرار وحده لا يكفي لإزالة الإضرار من على وجه الأرض بل لابد من تشريع وسائل وقائية مانعة من الإضرار تحول دون وقوع الإضرار وتقف أمامه، وسمرة لا يقف أمامه أيّ شيء فكلَّما تحدّث معه النبي صلى الله عليه وآله فلا ينفع شيئاً والوسيلة الوقائية والدافعة للإضرار هو أن نقلع النخلة، ونقول إنَّ ( إضرار ) بالمطابقة ينفي الضرار وينهى عنه - وقد قلنا إنَّ الضرار يصير بالدخول والخروج من دون إذن - ويدل بالالتزام أيضاً على تشريع الوسائل الدافعة للإضرار والوقائية التي تحول دون الإضرار، وإلا فمن دون تشريع وسائل وقائية لا ينفع النهي وحدة، وأحد الوسائل الوقائية في موردنا هو قلع النخلة وكلّ موردٍ بحسبه.
وبهذا يندفع ما أفاده السيد الخميني(قده)، فإنه ذكر أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم علل قلع النخلة بلا ضرر ولا ضرار فقال إنَّ نفس قلع النخلة هو ضرر، ولكن نحن نقول:- صحيح أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما قلع النخلة ذكر لا ضرر ولكن الاستشهاد ليس بلا ضرر فإنَّ لا ضرر تدل على نفس الحكم الضرري، ولو قيل إنَّ نفي الحكم الضرري ما ربطه بهذه القضية حتى يذكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم الآن ولكن نقول إنَّ جواز الدخول والخروج هو حكم ضرري فهو ينتفي بلا ضرر ولكن النبي صلى اله عليه وآله وسلم ذكر الفقرة الثانية - وهي لا ضرار - التي تنهى عن الإضرار بالمطابقة وتدل على تشريع الوسائل الوقائية بالالتزام، فقطع النخلة من حيث لا ضرار بمدلولها الالتزامي، ولا يخفى لطف ذلك، وإذا قرأنا رواية ابن مسكان نجد أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لسمرة ( إنك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار )، فحينما قال ( إنك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار ) فهذا يدل على أنه ناظر إلى الفقرة الثانية والاستشهاد هو بفقرة ( لا ضرار )، فهو حينما ذكر ( مضار ) فلا معنى للاستشهاد بفقرة ( لا ضرر)، بل الاستشهاد هو بفقرة ( لا ضرار )، وحينما استشهد بفقرة ( لا ضرار ) فمدلولها المطابقي هو نفي الإضرار ولكن بمدلولها الالتزامي تدل على تشريع الوسائل الوقائية، فجاء قلع النخلة للمدلول الالتزامي لفقرة لا ضرار، وهذا مطلبٌ لطيف سنعود إليه ثانيةً في تنبيهات لا ضرر لأهميته.