42/06/04
الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.
ونلفت النظر إلى شيء: - وهو أنه كيف جاء إلى ذهن السيد الخميني(قده) كون النهي في لا ضرر نهي سلطاني؟
وفي هذا المجال نقول: - إنَّ الشيخ الأعظم(قده) ذكر في رسالته ( لا ضرر ) عندما بحث لا ضرر عبارة فقال:- وههنا إشكال وهو أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بقلع النخلة لأجل دفع الضرر وعلَّل بلا ضرر ولكن الضرر ليس ناشئاً من النخلة حتى يأمر بقطعها وإنما الضرر ناشئ من الدخول من دون إذن، فلابد أن ينهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمرة من الدخول من دون إذن فإنَّ هذا هو منشأ الضرر لا أنَّ النخلة هي منشأ الضرر، فحينما يقول ( لا ضرر ) ويقطع النخلة فهذا لا ربط له بمنشأ الضرر وإنما منشأ الضرر هو الدخول من دون إذن، وهذا سوف يصير منبهاً على أن نقول إنَّ هذا النهي ليس نهياً إلهياً وإنما هو نهي سلطاني حكومتي، قال(قده):- ( في هذه القضية إشكال[1] من حيث حكم النبي صلى الله عليه وآله بقطع العذق مع أنَّ القواعد لا تقتضيه ونفي الضرر لا يوجب ذلك لكن ذلك لا يخل بالاستدلال )[2] .
ثم جاء الشيخ النائيني(قده) وصرَّح بأنَّ الضرر جاء من الدخول من دون إذنٍ وليس من العذق، فإذاً لا معنى لتعليل قطع العذق بلا ضرر، وإنما قطع العذق جاء من نكتة أخرى غير لا ضرر وهي أنَّ الأمر بقطع النخلة هو حكم بالولاية.
وما أفاده الشيخ النائيني(قده) يتناغم مع ما أفاده السيد الخميني(قده).
وهل يوجد فرق بين النهي الولايتي والنهي الحكومتي؟والجواب: - نعم يوجد فرق بين الاثنين، فإنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم له منصب الحكومة وله منصب آخر وهو منصب الولاية فهو ولي على الناس أجمع يعني يتمكن من التصرف في أموالهم وغير ذلك، وهذا النحو من الولاية ثابت للمجتهد أيضاً، فالمجتهد له الولاية أيضاً ولكنها ليست وسيعة بهذا الشكل وإنما له الولاية في أن يتصرف من باب الأمور الحسبية فقط يعني فيما هو الصالح، فإنه توجد مصالح يلزم العمل على طبقها لكنها ليست مسندة إلى شخصٍ واحد ولا يمكن أن يتصدّى لها كل إنسان، كما لو كان هناك يتيم وعنده أموال فلا يمكن أن يتصدى أيّ شخص للتصرف فيها لأنه سوف تصير فوضى، وإنما نقول إنَّ هذه الأمور الحسبية التي يريدها الله عزَّ وجل من دون إسنادٍ إلى شخص معين نأخذ بالقدر المتيقن، والقدر المتيقن هو الفقيه العادل، لأنه عادل وأيضاً هو فقيه يعرف كيف يتصرف، أما غيره فلا يعرف ذلك، فيصير الفقيه العادل هو القد المتيقن فيتصرف بمقدار الضرورة لا أكثر سواء كان في أموال اليتيم أو ما شاكل ذلك، أما النبي صلى الله عليه وآله وسلم فولايته أوسع من ذلك، فله أن يبيع أو يطلق أو يزوّج أو غير ذلك، يعني كل تصرف يستطيع الانسان أن يتصرفه في نفسه أو ماله فهو ثابت للنبي والأئمة عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام بالولاية، قال تعالى ﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾، فبهذه الآية الكريمة ثبتت الولاية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم على كل شخص، أما أنه لم يكن يفعّلها فهذا شيء آخر ولكنها ثباتة له، أما المجتهد فليست له تلك الولاية أما ولاية النبي أو الامام فهي وسيعة جداً، فهو يتصرف كما أتصرف أنا في نفسي ومالي لقاعدة ﴿ النبي أولى بالمؤمنين من انفهم ﴾ أما المجتهد فله حق التصرف في الأمور الحسبية وهذه من الأمور الضرورية، لأنَّ هذه الأمور لم تسند إلى شخصٍ معين فلابد أن يتصدّى لها الفقيه، فإذاً النبي صلى الله عليه وآله وسلم له منصب الحكومة وله منصب الولاية، والشيخ النائيني(قده) قال إنَّ النهي في لا ضرر هو نهي من باب منصب الولاية، ولكن السيد الخميني(قده) قال إنه من باب منصب الحكومة لأنه يحتاج إلى موقف حازم أمام سمرة فاصدر مرسوماً حكومياً، فإذاً هما رأيان متقاربان، ولكن الأول يفترق عن الثاني.
والغاية من نقلنا لهذا الكلام هي أنه ليس من البعيد أنَّ ما أفاده السيد الخميني(قده) له جذور كما بينا، قال الشيخ النائيني(قده):- ( إنَّ قوله صلى الله عليه وآله لا ضرر ليس علةً لقلع العذق بل علّة لوجوب استئذان سمرة وإنما أمر الأنصاري بقلع عذقه لأنه صلى الله عليه وآله بإصرار سمرة على إيقاع الضرر على الانصاري قد أسقط احترام ماله فأمر صلى الله عليه وآله بقلع عذقه من باب الولاية العامة حسماً للفساد )[3] .